الفلك

كم يبلغ عمر الكون؟

 

 قد يكون العمر رقماً فقط، لكن حين يتعلق الأمر بعمر الكون يكون أمراً مهمّاً للغاية. وفقا للبحث، فإنّ عمر الكون يبلغ حوالي 13.8 مليار سنة.
كيف حدد العلماء كم من الشموع التي سنضعها على كعكة عيد ميلاد الكون؟
يمكنهم ذلك باستخدام طريقتين مختلفتين: أولاً، من خلال دراسة أقدم الأجرام الكونيّة. وثانياً، من خلال قياس مدى سرعة توسع الكون.

حدود العمر
لا يمكن أن يكون الكون أصغر من الأجرام المتواجدة فيه، فمن خلال تحديد أعمار أقدم النجوم، يستطيع العلماء وضع حد لعمر الكون.تعتمد دورة حياة أي نجم على كتلته، حيث تحترق النجوم الضخمة بشكل أسرع من النجوم التي تمتلك كتلة أصغر. يحترق النجم الذي تبلغ كتلته 10 أضعاف الشمس اعتماداً على الوقود الذي يزوّده في مدّة تبلغ20 مليون سنة، بينما سيستمرّ نجم تبلغ كتلته نصف كتلة الشمس أكثر من 20 مليار سنة. تؤثر الكتلة أيضا على سطوع أو لمعان النجم، وتكون النجوم ذات الكتلة الأضخم أكثر إشراقاً.
تتكون النجوم المعروفة باسم نجوم الجيل الثالث "Population III stars" من الغاز البدائي (الهيدروجين والهيليوم وكميات صغيرة جداً من الليثيوم والبريليوم). كانت النجوم الأولى ضخمة وقصيرة الأجل.
رغم أنّ هذه النجوم كانت تتكوّن بداية من الهيدروجين والهليوم فقط، بدأت بعد الانصهار بخلق العناصر التي من شأنها أن تساعد على بناء الجيل القادم من النجوم، وقد كان العلماء يبحثون عن آثار النجوم الأولى لعقود.
قال "ديفيد سوبرال" عالم الفلك من جامعة لشبونة في البرتغال في بيان له: "تلك النجوم هي التي شكلت الذرات الثقيلة الأولى والتي سمحت لنا في نهاية المطاف بأن نكون هنا". من الجدير ذكره أنّ سوبرال كان جزءاً من الفريق الذي حدد مجرة مشرقة حيث كان ذلك دليلاً على وجود نجوم الجيل الثالث "Population III stars".
يضيف المسئولون في المرصد الأوروبي الجنوبي ESO في بيان لهم: " يوفر كشف الغبار في الكون المبكر معلومات جديدة عن تاريخ انفجار المستعرات العظمى الأولى، ومن ثم الوقت الذي غمرت فيه النجوم مرتفعة الحرارة الأولى الكون بالضوء. إنّ تحديد توقيت هذا "الفجر الكوني" هو واحد من أهمّ الإنجازات لعلم الفلك الحديث، ويمكن أن يُبحث بشكل غير مباشر من خلال دراسة الغبار بين النجوم في وقت مبكر".
ليست النجوم المبكرة هي الطريقة الوحيدة لتحديد عمر الكون، حيث إنّ هنالك مجموعات كثيفة من النجوم المعروفة باسم العناقيد الكروية والتي تمتلك خصائص مماثلة، فأقدم مجموعة كروية من المجموعات المعروفة تمتلك نجوماً تبلغ أعمارها ما بين 11 و 18 مليار سنة.

يرجع التنوّع إلى مشاكل في تحديد طول المسافة الفاصلة عن المجموعات، مما يؤثر على تقديرات السطوع وبالتالي قياس الكتلة، فإذا كانت المجموعة أبعد من قياس العلماء، فإن النجوم ستكون أكثر إشراقا مما يعني بأنّها أكبر كتلة، وبالتالي أصغر عمراً من العمر المحسوب.
يقول "أندريا كوندر" لموقع الفضاء Space.com: "تماماً مثلما يستخدم علماء الآثار الأحافير لمعرفة تاريخ الأرض، يستخدم علماء الفلك مجموعات عنقودية لتحديد تاريخ المجرة. هناك فقط حوالي 150 كتلة كروية معروفة في مجرة درب التبانة، لذلك يمكن اعتبار كلّ من هذه المجموعات الكروية وسيلة لتتبّع هالة المجرة وتشكيل مجرة درب التبانة".
لا يزال عدم تأكدنا من هذه الأمور يمنعنا من وضع حدّ لعمر الكون، لكن يجب أن يكون عمره 11 مليار سنة على الأقل. يمكن أن يكون عمر هذا الكون أكبر من ذلك ولكن لا يمكن أن يكون أقلّ من ذلك.

توسّع الكون
لا يمكن اعتبار الكون الذي نعيش فيه ثابتاً، فهو يتوسع باستمرار. يمكن للعلماء النظر إلى الوراء لتحديد عمر الكون إذا كان معدل هذا التوسع معروفاً، تماماً مثل ضباط الشرطة الذين يقومون بالكشف عن الظروف الأولية التي أدت إلى حادث سير، وبالتالي، فإنّ إيجاد معدل توسع الكون وهو عدد يعرف باسم "ثابت هابل " Hubble constant سيكون المفتاح لذلك.
هناك عدد من العوامل التي تقوم بتحديد قيمة هذا الثابت. العامل الأوّل هو المادّة التي تهيمن على الكون، حيث يجب على العلماء تحديد نسبة المادة العادية والمادّة المظلمة إلى نسبة الطاقة المظلمة. تلعب الكثافة أيضاً دوراً في ذلك، فالكون ذو المادّة ذات الكثافة المنخفضة أكبر عمراً من الكون ذو الكثافة المرتفعة.
ولتحديد كثافة وتكوين الكون، يعتمد العلماء على بعثات مثل مسبار ويلكينسون لتباين الأشعة الكونية (WMAP) التابع لناسا ومركبة الفضاء بلانك التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية.
يمكن لمثل هذه البعثات تحديد كثافة الكون وتكوينه ومعدل توسعه من خلال قياس الإشعاع الحراري الذي خلّفه الانفجار الكبير. يُعرف الإشعاع المتبقي باسم إشعاع الخلفية الكونية الميكروي cosmic microwave background حيث قامت كلّ من (WMAP) وبلانك بتحديد ذلك.
قدر برنامج الرصد البحري العالمي في عام 2012 أن عمر الكون يبلغ 13.772 مليار سنة، مع عدم التأكد من 59 مليون سنة. قامت المركبة بلانك في عام 2013 بتقدير عمر الكون ب 13.82مليار سنة. يقع كلا هذين الرقمين ضمن الحد الأدنى البالغ 11 مليار سنة اعتماداً على التجمعات الكروية، وفي كلّ من كلا الرقمين نسبة شكّ أقل من ذلك العدد.
ساهم تلسكوب سبتزر الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) في تضييق عمر الكون عن طريق الحد من هذا الشكّ في ثابت هابل إلى جانب قياسات WMAP، حيث تمكن العلماء من إجراء حسابات مستقلة لجذب الطاقة المظلمة.
يقول "ويندي فريدمان" من مرصد مؤسسة كارنيغي للعلوم في باسادينا في كاليفورنيا في بيان له: "كان استخدام كلمة "الدقة" و"علم الكون" في نفس الجملة قبل أكثر من عقد من الزمان غير ممكن، ولم يكن حجم الكون وعمره معروفين سوى بعامل واحد أو عاملين". قاد فريدمان الدراسة التي استخدمت مقراب سبيتزر لتحسين ثابت هابل. يضيف فريدمان: "نحن نتحدث الآن عن دقة تبلغ بضع من مئة، وهذا أمر غير مسبوق".

 

 

المصدر 

النشرة البريدية

الرجاء تعبئة التفاصيل ادناه لتلقي نشرتنا البريدية