البيولوجيا

طرق جديدة لتحليل وظيفة الجينات

 

 تسمح هذه الدراسة لأي باحث بتحفيز "الفسيفساء الجينية متعددة الأطياف" multispectral genetic mosaics في نماذج بحث الفقاريات كالفئران وسمك الدانيو المخطط zebrafish.

قام علماء في "المركز الوطني للدراسات الاستشفائية للأوعية الدموية كارلوس الثالث" (Centro Nacional de Investigaciones Cardiovasculares Carlos III (CNIC بتطوير طرق جديدة لإنتاج وتحليل الفسيفساء الجينية. تحتوي الأنسجة في هذه الفسيفساء على مجموعات مختلفة من خلايا من مختلف الأنماط الجينية المعروفة. يسمح هذا البحث بدراسة الاختلافات التي تُولّدها هذه الأنماط الجينية في سلوك الخلية. تسمح الأساليب الجديدة التي نشرت في العاشر من آب لعام 2017 في دوريّة "الخلية" Cell لأي باحث بتحفيز انتاج فسيفساء وراثية متعددة الأطياف في نماذج الفقاريات مثل الفئران وسمك الدانيو المخطط.

تساعد هذه التكنولوجيا على تعزيز فهم وظيفة الجينات وتفاعلها في ظروف زمانيّة ومكانيّة دقيقة أثناء تطور الأمراض والإصابة بها. تقوم الجينات بترميز المعلومات اللازمة لتجميع البروتينات التي تُعتبر بمثابة كتل البناء الوظيفية في خلايانا. تسمح هذه الطرق المحسنة والخاصّة بدراسة وظيفة الجينات للباحثين "بزيادة المعلومات المتاحة حول كيفية عمل "الجينوم" (المحتوى الوراثي) Genome في أنواع الخلايا المتعددة التي تشكل أجسادنا وفهم شبكات التفاعل الجيني والتسلسل الهرمي التنظيمي".
تُعتبر هذه المعلومات معلومات حاسمة في تصميم استراتيجيات علاجية فعالة لتعديل أو تصحيح النشاط الجيني الحاصل أثناء المرض.
غيّرت القدرة على تعديل النشاط الجيني من مناهج دراسة العمليات البيولوجية جذريّاً. يقوم معظم الباحثين بتحليل وظيفة جين واحد عن طريق تعديل نشاطه عن طريق زيادة نشاط هذا الجين أو القضاء عليه في كامل الخلايا أو مجموعة فرعية من خلايا العضو المستهدف أو الحيوان في كل مرة.

يتم الحصول على فهم وظيفة الجينات باستخدام هذا المنهج عن طريق تحليل التغيرات التي تنتج عن تعديل وراثي واحد في تطوّر هذا العضو.

يوضّح المؤلف الرئيسي لهذه الدراسة "روي بينيديتو" بأنّه وفي الأساليب التجريبية المعتمدة على استخدام الفسيفساء الجينيّة المحفّزة فإنّ التغيرات الجينية تحدث في بعض خلايا الكائن الحي فقط (الخلايا المتحولة) في حين تبقى الخلايا الأخرى دون تغيير (الخلايا الطبيعية). يوضّح بينيديتو ذلك بقوله: "إنّ استخدام الفسيفساء الجينيّة المحفّزة مهم جداً لأنها تمكننا من دراسة كيفية تصرف الخلايا ذات الأنماط الجينية المختلفة في نفس البيئة، بحيث يمكن أن تعزى أي اختلافات إلى التغيير الجيني المستحث".

غالباً ما يكون هذا النهج المستخدم لدراسة الدالة الجينية أكثر دقة وغنىً بالمعلومات مقارنة باستخدام علم الوراثة الكلاسيكي والذي يمكن أن يولّد تعديل الجين المستهدف في جميع خلايا الكائن الحي وما ينتج عنه من تعديلات ثانوية لا يمكن السيطرة عليها زمانياً أو مكانياً، بالإضافة إلى قيامه بتشويه تفسير وظيفة الجين في العملية التي تكون قيد الدراسة.

تمّ استخدام الفسيفساء الجينيّة على نطاق واسع في دراسة "ذبابة الفاكهة" Fruit Fly بسبب سهولة إعادة التركيب الانقسامي فيها. أحدث ذلك ثورة في دراسة وظيفة الجينات وبيولوجيا الخلية. يُعتبر تحفيز وتحليل الفسيفساء الجينية في الفئران، وهو النموذج الأكثر استخداماً في البحوث الطبية الحيوية، أكثر صعوبة من الناحية التقنيّة.

طوّر العلماء في مختبر علم الوراثة الجزيئية في "المركز الوطني للدراسات الاستشفائية للأوعية الدموية كارلوس الثالث" بيولوجيا جزيئية وأساليب نقل جينات جديدة Transgenesis لتوليد الفسيفساء الجينيّة في الفئران. تسمح هذه الأساليب بحدوث حثّ متزامن من التعديلات الجينيّة الفسيفسائيّة المتعددة والمرتبطة بالتعبير عن "علامات فلوريّة" Fluorescent Markers متميزة ويمكن الكشف عنها عن طريق استعمال مجهر متعدد الأطياف وعالي الدقة في فأر واحد.

قام فريق المركز بتطوير إستراتيجية هندسية ذات حمض نووي مفتوح المصدرOpen-source DNA engineering strategy تعمل على تبسيط إنتاج حمض نووي كبير ومعقد وتحتوي على جينات متعددة الهدف وجينات بعلامة الفلورست لجعل هذه الأدوات الجينية الجديدة قابلة للاستخدام من قبل مجموعات بحثية أخرى. طور الفريق أيضاً أساليب جديدة من أدوات تحرير الجينات "كريسبر"( قطع من الحمض النووي) cas9 (إنزيم نووي داخلي يحفز تقسيم موقع محدد في الحمض النووي منقوص الأكسجين الثنائي)CRISPR/Cas9 لإدخال جزيئات الحمض النووي في الخلايا الجذعية الجنينية أو البويضات المخصبة zygotes لتبسيط الجيل السريع والموثوق من فسيفساء الفئران المعدلة وراثياً.

كان الفريق قادرًا على دراسة وظيفة جينات متعددة في نفس الأنسجة عن طريق تقنيّة مجهريّة فلوريّة متزامنة simultaneous fluorescence microscopy لما يصل إلى 15 تجمّع خلوي مرمّز ويعبّر كلّ واحد منها عن مزيج فريد من الجينات باستخدام هذه الأدوات الجينية الجديدة والفئران المعدلة وراثيّاً.

يقول بينيديتو: "تسمح هذه التكنولوجيا بتحفيز وتحليل مجموعات من الفسيفساء الجينية المتعددة في خلايا مختلفة من نفس الفأر لأوّل مرّة. يعود السبب في ذلك لكون تجمّعات الخلايا المختلفة يتمّ تحفيزها في نفس الأنسجة ويمكن تصويرها في وقت واحد مما يجعل تحليل اختلاف سلوكيات هذه الخلايا مصدراً لبيانات دقيقة ورؤى جديدة في وظيفة الجينات قيد الدراسة.

يمتلك هذا النهج مزايا حقيقية تضاف للإجراءات المعمول بها حاليّاً للتحليل الجيني والتي تتطلب مقارنة الخلايا الموجودة في الأنسجة أو البيئات المختلفة. يكمن السبب في ذلك لكون التحليل يجب أن يتم باستخدام حيوانات مستقلة والتي مرّت أو لم تمرّ بتجربة تعديل وراثي معين.
 

 

 

المصدر 

النشرة البريدية

الرجاء تعبئة التفاصيل ادناه لتلقي نشرتنا البريدية