البيولوجيا

علاج اضطراب ضغط الدم القاتل في الأجنة بواسطة التحرير الجيني الدقيق

 


تبديل حرف بآخر

استخدم الباحثوكيميائي ن الصينيون تقنية مختلفة لتبديل قاعدة واحدة في المحتوى الوراثي (جينوم) الجنين البشري في أعقاب أول عمليّات تحرير جينات الأجنّة في الولايات المتحدة التي ظهرت في وقت سابق من هذا العام.

تم تصميم هذا التعديل الدقيق لإعادة وظيفة الجين المسؤول عن مكون الهيموجلوبين، والذي يؤدي في شكله المتحور إلى حالة دموية قاتلة تسمى ثلاسيميا بيتا.
استخدم فريق من الباحثين من جامعة "صن يات صن" في قوانغتشو- الصين, ما يسمى بتقنية محرر القاعدة لتغيير ال G إلى A في رمز الحمض النووي للخلية الجينيّة الجنينية HBB.
قد يكون هذا التغيير ضئيلاً، ولكن في شكلها المتحور لا يمكن أن ينتج ال HBB بروتين بيتا-غلوبين اللازم لبناء الهيموجلوبين الحامل للأكسجين لخلايا الدم الحمراء.
إنّ نقص الهيموجلوبين يعني نقص الأكسجين، وهو ما يعيق النمو والتنمية مما ينتج عنه الحاجة لنقل الدم مدى الحياة لعلاج فقر الدم. عادة ما تكون ثلاسيميا بيتا حالة متنحية “recessive condition”، وهو ما يعني أن كلا الوالدين يحتاجان إلى المساهمة بنسخة من الجين المتحور كي يصاب الطفل بفقر الدم.

يمكن أن يساعد تصحيح الطفرات في هذا الجين الآباء على الاحتفاظ بالجنين أو إزالة تلك الصفة من الأسرة. يمكن أن يؤثر نحو 400 نوع مختلف من أشكال الشيفرة الخاطئة على ال HBB.
ركز الباحثون في هذه الحالة على "طفرة نقطية واحدة " single point-mutation ، وهي تستهدف قاعدة تسمى سايتوسين (C) وتبادلها بأخرى تُدعى ثايمين (T). كل من هذه الحروف يكمل نوعين آخرين من القاعدة، فالثايمين يطابق الأدينين (A)، في حين أن السايتوسين يطابق الغوانين (G). يجب أن تعود الطفرة مرة أخرى إلى شيفرة "A" الصحيحة عن طريق تبديل ال C إلى T.


حتّى وإن كانت تكنولوجيا تحرير القاعدة هذه تبدو معقدة، إلّا أنّ هناك سبباً وجيه للقيام بها، الأمر الذي يعني أن تسلسل الحمض النووي لا يتم قصه على طوله.

قام الفريق بإنشاء خط خلية مع أجزاء من الجين كجزء داخلي ثم قام باستخدام تقنيتين مختلفتين من تقنيات تحرير القاعدة لتغيير الشيفرة لاختبار ما إذا كان الإجراء ممكنا.
بعد نجاح العمليّة، أخذوا العملية إلى المستوى التالي وقاموا بتحرير الجين في خلايا الجلد من مصاب بثلاسيميا بيتا. نقل الباحثون نواة خلايا الجلد المريض إلى 30 بويضة ناضجة أو خلايا بويضة الإنسان.
تم تطبيق إحدى التقنيات بعد ذلك على الخلايا ال 26 بويضة التي نجت من إجراء الاستنساخ، والذي نجح في تحويل ال G إلى A في 9 من الأجنة، وال G إلى C (السايتوسين) في جنين واحد.
كان خبر تحرير الجينات خبراً مهمّاً في السنوات الأخيرة مع تطوّر تطبيق تقنية تسمى "كريسبر" CRISPR (التكرارات العنقودية المتناوبة منتظمة التباعد) والتي تستخدم الإنزيمات الموجودة في البكتيريا لالتهام الحمض النووي في موقع معين.
إنّ تطبيق هذا النوع من الجراحة التصحيحية الجينية على الأجنة البشرية يمكن أن يضع نهاية لمجموعة متنوعة من الحالات الصحيّة الموروثة، إلّا أنّ الجهود كانت مثيرة للجدل حتّى الآن.
تطورت الأسئلة مؤخراً حول ما إذا كانت التكنولوجيا تنتج طفرات غير مرغوب فيها، مشيرة إلى أنّه ورغم النتائج المبشرة، إلّا أنها لا تزال الأيام الأولى لهذه الأداة الهندسية الثورية.
إنّ تقنية تحرير القاعدة لن تحل محل تقنية الكريسبر، ولكن يمكن أن تكون حلا أكثر دقّة لتلك "الطفرات الفردية" solitary mutations.
يقول الباحث "جونجيو هوانغ" لل بي بي سي: "كنّا أوّل من أثبت جدوى علاج الأمراض الوراثية في الأجنة البشرية من خلال نظام محرر القواعد".

إنّ الكلمة الأساسيّة هنا هي "الجدوى"، فنحن على مقربة من إجراء يتيح لنا إصلاح جينات نعتبرها غير صالحة في الأجنة.
إلّا أنّنا وفي كلّ مرّة ندخل في نقاش يتعلّق بالموضوع يجعلنا ذلك أقرب إلى الوقت الذي تكون فيه بعض الحالات كثلاسيميا بيتا مجرّد ملاحظات في كتاب التاريخ الطبي حين نكون قادرين على تجاوزها.
نشر هذا البحث في دوريّة "البروتين والخليّة" Protein & Cell.

 

 

المصدر

 

النشرة البريدية

الرجاء تعبئة التفاصيل ادناه لتلقي نشرتنا البريدية