الفلك

"دهون" درب التبانة

إن الفضاء مظلم وبارد، وفي أحيان كثيرة لزج للغاية.
يمتلئ الكون بالغبار والإشعاع الكهرومغناطيسي ودهون سامة. يعتبر هذا "الدهن الفضائي" (شكل زيتي من الكربون المهدرج يسمى الكربون الأليفاتي) نوعًا من أنواع عديدة من الكربون والتي تسربت إلى الفضاء الخالي من قبل النجوم الحارقة، وقد يكون من بين المكونات الرئيسية في تكوين النجوم والكواكب الجديدة.
ما هو مقدار الدهون الموجودة في درب التبانة؟
لم يعرف العلماء ذلك على وجه اليقين بعد، ولكن ورقة بحثيّة جديدة نشرت في 13 يونيو في مجلة "إشعارات شهرية للجمعية الفلكية الملكية" تقترح إجابة لهذا التساؤل: يوجد ما يكفي لإفساد الزجاج الأمامي لسفينة فضائية.
قد يكون هناك دهونًا فضائية أكثر بخمسة أضعاف من التقديرات السابقة وفقًا لفريق من علماء الفلك من جامعة نيو ساوث ويلز (UNSW) في أستراليا وجامعة إيجة في تركيا. وجد الباحثون من خلال إنشاء "دهون فضائية" مختبرية ومقارنة تركيبتها مع الملاحظات الموجودة سابقًا أن هناك حوالي 11 مليار تريليون تريليون طن (أو 11 يليها 33 صفرًا بعدها) من جزيئات الكربون الدهنية في مجرتنا، وهو ما يعادل 40 تريليون ترليون تريليون علبة زبدة.
يقول "تيم شميدت" وهو أستاذ في الكيمياء بجامعة نيو ساوث ويلز في بيان له: "أنت لا تريد ولا بأيّ شكل من الأشكال أن تتناول هذه الدهون على قطعة من الخبز". يضيف شميدت: "إنها قذرة، ومن المحتمل أنّها سامة ولا تتشكل إلا في بيئة الفضاء بين النجوم وفي مختبرنا". يرى شميدت أنّ الرياح الشمسية تحمي نظامنا الشمسيّ من هذه الدهون.
ألقى شميت وزملاؤه نظرة عن قرب على دهون الفضاء عن طريق تحضير هذه الدهون في المختبر. قام الفريق بتوسيع البلازما الغنية بالكربون أو الغاز المتأين في حجرة مفرغة لتقليد العملية التي تقوم فيها النجوم بتجميع الغازات وإطلاقها في الوسط البين نجمي (المواد الموجودة بين النّجوم). نتج عن هذه البلازما غبارًا يشبه الغبار الموجود بين النجوم حيث تنتشر هذه الدهون.
حدد الفريق مدى قوة امتصاص الغبار الدهني لأطوال موجية معينة من ضوء الأشعة تحت الحمراء باستخدام التحليل الطيفي مما يؤثر على سرعة التقاط الأدوات عند وجودها. يقول شميت لصحيفة الغارديان أنّ الفريق يستطيع استخدام الملاحظات السابقة للنجوم القريبة لتحديد "مقدار الكربون الدهني الموجود في خط الرؤية لمختلف النجوم" باستخدام هذه البيانات.
توصّل الباحثون من خلال هذه الملاحظات أنّ هناك حوالي 100 ذرة دهن فضائي لكل 1 مليون ذرة هيدروجين - وهو ما يشكّل حوالي ربع- نصف كميّة الكربون الموجود بين النجوم.
كتب الباحثون أنّ هذه المعلومات يمكن أن تساعد العلماء في فهم مجرتنا بشكل أفضل. يُعتقد أن الكربون هو لبنة أساسية في الحياة، لذا فإن معرفة مقدار الكربون المتوفر بأشكال مختلفة في الوسط البين نجمي يمكن أن يمنح العلماء فكرة عن احتمال أن تتشكل أنظمة شمسية أخرى للحياة (أو تكون قد تشكلت بالفعل) في درب التبانة. يرى شميت أنّ نتائج هذه الدراسة تدعو إلى التفاؤل.
يقول شميدت: "من المثير للاهتمام أنّ المواد العضوية من هذا النوع من المواد والتي تتطوّر إلى أنظمة حيّة متوفّرة للغاية".
 

 

المصدر

النشرة البريدية

الرجاء تعبئة التفاصيل ادناه لتلقي نشرتنا البريدية