الصحة

"غيوم" من الإشعاعات الغامضة قد تشكل خطراً على المسافرين جواً

 

 

مناطق الخطر في الهواء هي عبارة عن مناطق ترتفع فيها مستويات الإشعاع لكنّها لا تعتبر في الوقت نفسه مصدراً معترفاً به للخطر على الصحّة. من المهمّ على الطائرات مستقبلاً أن تتجنّب مصدر الخطر هذا تماماً كما تفعل مع السحب الرمادية البركانية لتقليل أي خطر على المسافرين وطاقم الطائرة. لقد عرفنا منذ مدّة طويلة أن الطيران على ارتفاعات عالية يعرضنا إلى الأشعة الكونية حيث تعادل الجرعة الإشعاعية على متن طائرة من لندن إلى طوكيو كميّة الأشعّة الشمسيّة المستخدمة في تصوير الصدر للحالات الطبيّة.
كشفت الرحلات البحثية مؤخراً وجود هذه "الغيوم" حيث تبلغ مستوياتها ضعف المستوى المعتاد على الأقل. جاء هذا الاكتشاف نتيجة لبرنامج القياسات الإشعاعية الآلية الممول من وكالة ناسا (ARMAS) والذي يهدف إلى تطوير أساليب جديدة لقياس ورصد الإشعاع على ارتفاعات عالية.
أظهرت مستويات الإشعاع المكتشفة عموماً نمطاً متوقّعاً في 265 رحلة لكنّها ارتفعت على الأقلّ في ست رحلات ظهرت خلالها الطائرات كما لو كانت تحلق عبر سحابة إشعاع.
يقول "و. كينت توبسكا" المحقق الرئيسي لبرنامج القياسات الإشعاعية الآلية الممول من وكالة ناسا من شركة لوس انجلوس لتكنولوجيا بيئة الفضاء: "لقد رأينا عدة حالات حيث تضاعفت كميّة الإشعاع أثناء الطيران كما لو كنّا نمرّ من خلال سحابة من الإشعاعات التي تتغيّر من مكان لآخر فتكون أكثر أو أقلّ من ذلك".
سُجلت مستويات أعلى في بعض الحالات ولكن هذه النتائج لا تزال غير منشورة حيث لا يزال الفريق يدرس تفسيرات بديلة للبيانات.
يقول توبيسكا بأنّ المصدرين الرئيسيين للإشعاع وهما الأشعة الكونية والرياح الشمسية لا يمكن أن تعتبر إحدى هذه الزيادات حيث "تظهر قياساتنا الجديدة مكوناً ثالثاً".
الإلكترونات التي يتمّ تحريرها
تزامنت هذه العواصف مع العواصف الجيومغناطيسيّة وهي اضطرابات مؤقتة في المجال الأرض المغناطيسي. يشير هذا إلى الإلكترونات النشطة التي تتحرّر من أحزمة فان ألين الإشعاعيّة الخارجية وهي جسيمات البلازما المشحونة والموجودة حول الأرض والتي تحاصَر في الغالب من الجسّيمات المشحونة من الرياح الشمسية بواسطة المجال المغناطيسي للأرض.
ويعتقد توبيسكا أن بإمكان هذه العاصفة تحرير الإلكترونات المحاصرة في أحزمة فان ألين حيث يقول: "تُقاد هذه الإلكترونات إلى الغلاف الجوي العلوي وتتصادم مع ذرات وجزيئات النيتروجين والأكسجين ثم تخلق رذاذ الإشعاع الثاني والثالث على شكل أشعة غاما في الغالب". يعتقد توبيسكا بأن هذا الإشعاع هو ما تمّ كشفه عن طرق رحلات برنامج القياسات الإشعاعية الآلية الممول من وكالة ناسا عبر مساحة واسعة.
يقول "دانيال بيكر" من مختبر جامعة كولورادو لفيزياء الفضاء والأغلفة الجويّة إن هذه الآلية تبدو ممكنة حيث إنّه: "من المعقول أن ترتبط نتائج برنامج القياسات الإشعاعية الآلية الممول من وكالة ناسا بزيادة فقدان جزيئات الحزام الإشعاعي من الغلاف المغناطيسي إلى الغلاف الجوي الأوسط والسفلي".
لا توجد معايير محددة لمستوى الإشعاع الآمن في الطيران الأمريكي في الوقت الحاضر ولكن يرى توبيسكا بأنه من الرّاجح وضع قوانين متعلّقة بهذا الموضوع في السنوات المقبلة.
قد تكون المخاطر المؤكدة لهذه الظاهرة منخفضة حيث إنّ الأشعة السينية للصدر تزيد خطر الإصابة بسرطان قاتل بمقدار احتمالية تساوي 1 من 200 ألف لكن يجب أن تكون هذه المخاطر متوازنة مع العدد الكبير من الرحلات الجوية وما إذا كان يمكن تجنّب الخطر.
يقول توبيسكا: "لهذا علاقة بأفراد الطاقم في الأساس، ولكنه سيفيد بالتأكيد الأشخاص الذين يسافرون بكثرة أو حتّى الأجنّة في الأشهر الأولى من الحمل."
قد يسمح عمل برنامج القياسات الإشعاعية الآلية الممول من وكالة ناسا باستخدام البيانات المجموعة عن طريق الأقمار الصناعيّة وأجهزة الاستشعار المحمولة جوا بتتبع "السحب" الإشعاعية حيث يقول توبيسكا إنه قد يتمّ تحويل الرحلات أو توجيهها إلى ارتفاع منخفض لتجنب هذه السحب من الإشعاعات مستقبلاً.

 

المصدر
 

النشرة البريدية

الرجاء تعبئة التفاصيل ادناه لتلقي نشرتنا البريدية