الفلك

هل يمكن للكسوف أن يخبرنا ما إذا كان أينشتاين على حق فيما يتعلّق بالنسبية العامة؟

 

كشف كسوف الشمس عن هندسة الزمكان منذ قرن تقريباً. يعمل الفيزيائيّون وهواة علم الفلك مؤخراً على التحقق مرّة أخرى من تلك الحسابات خلال كسوف الشمس في الحادي والعشرين من آب لعام 2017.

توقّع ألبرت أينشتاين في نظرية النسبية العامة لعام 1915 أن تقوم جاذبيّة الشمس بتشويه الزمكان في جوارها، بحيث تظهر النجوم الواقعة وراء الشمس خلال الكسوف في مواقف تختلف عمّا تكون عليه في ليلة عادية.

شكّلت هذه النظرية ثورة في علم الفيزياء، فقد حوّلت نظرتنا للكون من مشهد ثابت غير متغير إلى ملعب ديناميكي مرن.التقط الفلكي البريطاني "آرثر ستانلي إدنغتون" صوراً تثبت أنّ أينشتاين على حقّ بعد أربع سنوات فقط وخلال كسوف الشمس في أيّار من عام 1919. تصدّر عنوان "انحناء الضوء في السماء" صحيفة نيويورك تايمز في التاسع من تشرين الثاني في واحدة من أشهر عناوين الصحف العلمية والذي يحمل العنوان الفرعي: "رجال العلم متحمّسون للنتائج التي تمّ رصدها أثناء الكسوف". زوّد ذلك أينشتاين بشهرة عالمية، وكان الأمر بداية لاختبارات لا نهائيّة للبحث عمّا إذا كان أينشتاين على حق فيما يتعلّق بالنسبية العامّة أم لا.

ليس هناك شكّ بأنّه كان على حقّ، فقد نجحت النسبية في اجتياز كلّ اختبار وُضعت أمامه.

يقول عالم الفيزياء الفلكية "برادلي شايفر" من جامعة ولاية لويزيانا في باتون روج: "كانت النسبية العامة صحيحة تماماً وبشكل لا شكّ فيه في كل مرة كان يتمّ تعريضها لأيّ اختبار حتى الآن".

تكرّرت تجربة إدينغتون ست مرات فقط، كان آخرها في عام 1973. يقول شايفر بأنّ وفي كل اختبار من هذه الاختبارات كان يتمّ استخدام لوحات فوتوغرافية، ولم تكن دقة مواقع النجوم المُقاسة أكبر من حوالي %10، ولو كانت مواقع النجوم قد انحرفت عن توقعات أينشتاين لدرجة أقلّ، لكانت التجارب السابقة غير قادرة على إيجاد فرق يمكن قياسه في مواقعها.

إنّ التقدم التكنولوجي الذي حدث مؤخراً يعني أن أيّ شخص يستطيع أن يقوم بتلك العمليّة على نحو أفضل بعشر مرّات، وينوي شايفر أن يكون ذلك الشخص.

يقول شايفر: "ما سأفعله لن يكون بحثاً غير مسبوق". يوضّح شايفر ذلك: "يقوم هذا البحث باستنساخ التجارب العلمية الكبيرة في كلّ الأوقات السابقة. سأقوم بفعل ذلك بنفسي، وأحاول أن أقوم له بشكل أفضل ممّا تمّ القيام به من قبل، فأنا سأقوم باختبار ما إذا كانت النسبية العامة صحيحة أم لا".

إنّ التقدّم في الكاميرات الرقمية هو مفتاح هذا البحث، فبالإضافة إلى كونها قادرة على التقاط الكثير من الصور وبسرعة كبيرة، فإنّ كاميراتها تحتوي على "جهاز اقتران الشحنة" CCDs.

الذي يستطيع أن يقوم بضغط آلاف البكسلات على شريحة صغيرة. يسمح هذا بظهور صور عالية الدقة دون الحاجة إلى كاميرا كبيرة.

يُعتبر جهاز اقتران الشحنة المعيار في التلسكوبات المحترفة وكاميرات التصوير الفوتوغرافي المستخدمة من قِبل الهواة. أصبحت كاميرا جهاز اقتران الشحنة بكثافة شاشة تبلغ 4,096 بكسل في كلّ جانب متاحة تجارياً قبل عامين، ولم يتردّد شايفر في اقتناء إحداها رغم أنّ ثمنها يبلغ 10 ألاف دولار.

يقول شايفر: "سيمكّننا هذا من القيام بتلك التجربة بشكل أفضل بكثير مما قام به إدينغتون". يضيف شايفر: "كلّ ما يلزمك هو أن تأخذ ثانية أو ثانيتين من الاندماج الشمسي خلال الكسوف. إنّ الأمر بهذه السهولة".

إنّ كون كسوف إدينغتون كان في أيّار في حين ظهرت قصة نيويورك تايمز في تشرين الثاني هو أمر مهمّ. كان على إدينغتون أن ينتظر النجوم حتّى تعود إلى نفس المواقع التي قاموا بالتقاطها خلال الكسوف للتحقق من نتائجه.

لن يكون ذلك بمثابة مشكلة لشايفر، فالإعدادات المتوافرة ستتمكّن من التقاط لقطات مقارنة خلال الليل. يقول شايفر: "يمكن للمرء أن يقوم بأخذ جميع الملاحظات، بما في ذلك المعايرة، في غضون 24 ساعة باستخدام تلسكوب هواة بسيط وكاميرا "جهاز اقتران الشحنة" جيدة".

 سوف يبدأ شايفر ومجموعة من علماء الفلك الآخرين بتلك التجربة بالقرب من مدينة كاسبر في وايومنغ، وسيكونون على استعداد لملاحقة الشمس على طول مسار الكسوف إذا كان الجوّ غائماً. يقول شايفر: "سوف نتنقّل إذا لزم الأمر لإنجاح المهمّة". يضيف شايفر: "إنّ هدفنا الأساسي هو الحصول على البيانات".
 

 

 

المصدر 

النشرة البريدية

الرجاء تعبئة التفاصيل ادناه لتلقي نشرتنا البريدية