الفيزياء

مخزن للهيليوم على الأرض

 
ينبعث الهيليوم البدائي وهو من بقايا النظام الشمسي المبكر في الأرض من مواقع الحمم البركاني الموجودة في هاواي وأيسلندا وجالاباجوس. لا يزال مصدر هذه الهليوم الموجود في أعماق الأرض مجهولًا. يتنبأ الباحثون الآن بوجود مركب حامل للهيليوم وهو مركّب FeO2HeFeO2He.

 يمكن أن يخزن هذا المركب العنصر الغامض في داخله. تشير حسابات الباحثين إلى أن المركب مستقر عند درجات حرارة وضغط تعادل تلك الموجودة في الجزء السفلي من غطاء الأرض وهي الطبقة الأكثر صلابة والموجودة ما بين القشرة النواة الخارجية المنصهرة. ستدعم النتائج إذا تمّ التحقق منها إمكانيّة قياس عمر وتاريخ الأجسام الكونية بما أن الكواكب الأخرى المماثلة يجب أن تحتوي على نفس المادة.
يُعتبر الهيليوم العنصر الأكثر وفرة في الكون بعد الهيدروجين. يوجد مكانين على الأرض يمكن العثور على الهيليوم فيهما. يتم إنتاج الهيليوم بشكل مستمر من خلال الاضمحلال الإشعاعي في القشرة الأرضية ويوجد أيضًا في أعمدة الحمم والغازات التي تنشأ من الوشاح. يحمل هذا الهليوم دلائل تُظهر أنه كان موجودًا عند تشكل الأرض. يفترض الباحثون أنّ الهيليوم موجود في مكان ما في الأرض بشكل صلب وإلا لكان قد اختفي منذ فترة طويلة بسبب كثافته المنخفضة. إنّ الصخور الحاملة للهيليوم نادرة بسبب عدم مقدرة العنصر الخامل على تشكيل مركبات مع عناصر أخرى. لا يمكن قياس أو التنبؤ بهذه المركبات حتّى الآن مما يترك هذه الفرضية غير مؤكدة.
بدأ "يانمينغ ما" من جامعة جيلين في الصين وزملاؤه في حل هذه المعضلة من خلال البحث الحسابي عن المعادن التي تحتوي على الحديد والمغنيسيوم والتي قد تتفاعل مع الهيليوم. يعتبر الحديد والمغنيسيوم نقطة انطلاق جيدة لمثل هذا البحث بحيث تتوفّر العناصر بكثرة داخل الأرض كما يقول عضو الفريق تشانغفنغ تشن من جامعة نيفادا في لاس فيجاس.

استخدم الفريق خوارزمية بحث في بنية بلورية تسمى CALYPSO تم تطويرها بواسطة مجموعة "ما" والتي عثرت على مركّبات محتملة عن طريق حساب طاقاتهم. يؤدي وجود الهيليوم في مركب مرشح إلى خفض الطاقة مقارنة مع النسخة الخالية من الهيليوم. رصد البحث الخوارزمي غياب المركبات المبنية على المغنيسيوم. وجد الفريق واحدًا من المركبات القائمة على الحديد التي تناسب معاييرها مركّب FeO2HeFeO2He .
تُظهر حسابات الفريق أنّ مرّكب FeO2HeFeO2He يشكل بنية مستقرة عند درجات حرارة تتراوح ما بين 3000 - 5000 درجة وبضغوط تتراوح ما بين 135 - 300 جيجاباسكال. تتطابق هذه الظروف مع تلك الموجودة ما بين الوشاح والنواة. أجرى الفريق محاكاة لمركّب FeO2HeFeO2He عند درجة حرارة 3000 وضغط 135 لإيجاد الخصائص الصوتية للمواد. وجد الباحثون أن الموجات الصوتية تتحرك عبر المركب بسرعات مكافئة لتلك التي تم الحصول عليها في قياسات الموجات الزلزالية للحدود ما بين الوشاح والنواة. يشير ذلك إلى أن خصائص المادة تتسق مع ملاحظات هذه المنطقة.
تشير التجارب الأخيرة إلى أنّ مركّب FeO2HeFeO2He هو حاوية للهيليوم البدائي. تم تكوين كلًا من مركّبFeO2FeO2 والمركبات المحتوية على الهيدروجين FeO2HxFeO2Hx في إعدادات المختبر عند درجات الحرارة والضغوط الموجودة في المناطق السفلى من الوشاح. يقول تشن إن تكوين تلك المواد يشير إلى أن الباحثين يمكنهم التأكيد على أنّ FeO2HeFeO2He هو مركّب مستقر في ظروف الأرض العميقة.
يقول تشن إن المركبات الحاملة للهيليوم كانت تعتبر غير موجودة في ظل الظروف المادية الموجودة على سطح الأرض أو داخلها. تغيرت توقعات الفريق بعد إجراء هذه التجارب. يقترح تشن أن الهليوم البدائي قدتفاعل مع مركّب FeO2FeO2 مرة أخرى منذ بداية تكوين الأرض مما أدّى لتكوين مادة صلبة. يعتبر هذا المركب ثقيل بما فيه الكفاية وقد يرتفع فقط إلى السطح من خلال ما يسمى بأعمدة الوشاح وهي أعمدة من الصخور الصلبة تتحرك نحو القشرة. يزعزع هذا المركّب استقرار غاز الهليوم ويعمل على تحريره عند اقترابه من السطح ويواجه انخفاضًا في درجة الحرارة والضغط.

يمكن أن تحل هذه النتائج مشكلة البحث عن مكان وكيفية تخزين الهيليوم البدائي كما يقول مات جاكسون وهو عالم الجيوكيمياء في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا. يدرس جاكسون التركيب الكيميائي لأعمدة الحمم البركانية وقد وجد آثارًا لوجود الهيليوم البدائي. يقول جاكسون أنّ "هذه النتيجة مثيرة للإهتمام". يحذر جاكسون من أن هذه التنبؤات بحاجة إلى الإختبار بواسطة التجارب المعملية. يوافق رونالد كوهين وهو جيوفيزيائي في معهد كارنيغي للعلوم في واشنطن العاصمة على ذلك، ويعتقد هو وآخرون أن الهيليوم البدائي كان من المرجح أن يتم تخزينه كشوائب في معادن الوشاح، لذا فإن التنبؤ بمركب يحتوي على الهيليوم كان مفاجأة بالنّسبة لهم على حدّ قوله.

 

المصدر
 

النشرة البريدية

الرجاء تعبئة التفاصيل ادناه لتلقي نشرتنا البريدية