البيولوجيا

لماذا لا تتكلم الحيوانات؟

 نعرف جميعاً أن الحيوانات تتواصل مع بعضها البعض بطريقة ما. وبعضها يستطيع التواصل مع البشر من خلال استعمال لغة الجسد للتعبير عن حاجاتهم. لكن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يملك الآلية البيولوجية التي تؤهله التحدث، واستخدام الكلمات كوسيلة للتواصل والفهم.

 يعتقد الكثير من العلماء أن ثورة استخدام الكلمات كانت ضرورية جداً لسيادة الإنسان على الأرض، كما كانت ثورة الدماغ بالنسبة إليه. وأن بعض الحيوانات تظهر وعياً لبيئتها كما الإنسان تماماً، لكنهم يعبرون عن ذكائهم بطرق مختلفة، لذا نتأكد أن قدرتنا على الكلام كانت القوة التي لدينا  لنصبح الجنس المسيطر على هذا الكوكب. وتعتمد قدرة الإنسان على الكلام على عاملين: الدماغ والأوتار الصوتية.

وتتمتع القرود بذكاء واضح، فهي تملك أنظمة تواصل متقدمة، لكنها لا تملك قدرة الإنسان على الكلام. فما هو السبب؟

لا أحد يعرف بالتحديد متى بدأ الإنسان باستخدام قدراته الصوتية على نطق الكلمات والتواصل بها. تبدأ الأصوات، عند جميع الثدييات، عند الأوتار الصوتية الموجودة في الحنجرة مكونة عقدة تسمى تفاحة "آدم". ثم ينتقل الصوت عبر المجرى الصوتي، الذي يتكون من ثلاث حجرات منفصلة، الفم والأنف والبلعوم الموجود قرب فتحة البلعوم مكان التقاء فتحتي الأنف والفم الداخليتين. ويتحكم بتوزيع الصوت آلية معقدة مرتبطة بهذه الفتحات الثلاث بالاستعانة مع سقف الحلق واللسان والشفاه.

وتعمل الأوتار الصوتية كالشفاه تماماً، حيث تبتعد وتقترب من بعضها، ليدخل الهواء إلى الرئتين، مطلقة تنهدات صغيرة تنتج أسلوب الكلام. إن معدل تردد الأوتار الصوتية يعتمد على التوتر المعرضة له، ونحن بامتلاكنا السيطرة على هذا التوتر، يمكننا زيادة نغمة صوتنا، وتخفيضها حسب الرغبة.

وتتمتع مخلوقات أخرى، كالشمبانزي، بوجود أوتار صوتية مشابهة لأوتارنا، يتمكن بمساعدتها إصدار عدد من الأصوات، لكنه غير قادر على التحدث مثلنا، وسبب ذلك لا يكمن في بنية الأوتار الصوتية، بل في موضعها أو مكانها. فحنجرة الإنسان تقع في مكان منخفض الأمر الذي يجعل الحجيرة الصوتية أوسع بكثير من الحجيرة الموجودة عند القرود، واللسان الموجود في الفم يمتد عند القرود إلى داخل الحلق. وقد شبه العلماء صوت القرود بصوت البوق البدائي الرتيب الطويل، أما صوت الإنسان فيشبه صوت البوق الحديث المعقد (Trumpet) والذي يصدر صوتاً متنوعاً لوجود ثلاثة صمامات تغير الصوت بمروره عبر ممرات عدة. وهذا يسمح بتغيير الصوت، وهو ليس أمراً ممكناً عند استخدام البوق الخشبي حتى إذا كانت الآلتان، البدائية والمعقدة، مصنوعتين من المادة نفسها. ويولد أطفال الإنسان بقدرات صوتية مشابهة لقدرات الشمبانزي، لكن بعد الولادة تبدأ الحنجرة بالتوسع والابتعاد عن سقف الحلق، الأمر الذي يسمح بوجود فسحة مناسبة لبدء إصدار الأصوات. ومع عمر ست سنوات يكون طفل الإنسان قادراً على إصدار جميع الأصوات اللازمة للحديث. وهذا لا يحدث عند أي مخلوق آخر. الأمر الذي يجعل القدرات الصوتية محصورة ومنفردة في الإنسان. لكن لهذا الأمر بعض السيئات أيضاً، فبما أن المجرى الهوائي، موجود في عنق الإنسان، فيجب أن نكون حذرين عند بلع الطعام حتى لا يدخل في الفتحة غير المناسبة. بينما في الثدييات الأخرى لا تظهر هذه المشكلة أبداً. حيث أن مجرى الهواء عندها متصل بشكل مباشر مع الأنف الأمر الذي يسمح بابتلاع الطعام وفي الوقت نفسه التنفس بشكل طبيعي. وهذا شيء لا نستطيع نحن بنو البشر القيام به.

 

االمصدر : كتاب كيف يحصل ذلك - جوناثان باركر

النشرة البريدية

الرجاء تعبئة التفاصيل ادناه لتلقي نشرتنا البريدية