الفيزياء

الاختيار بين الانزلاق وعدم الانزلاق

 

سيارة تندفع إلى الأمام في أثناء الضغط على المكابح

تخيَّل أنك تقود سيارتك على الطريق حين اعترض مسارك حيوانُ ضخم على مسافةٍ  قريبة منكَ. تخيَّل أيضًا أن سيارتك غير مُزوَّدة بنِظام منْع انغلاق المكابح. هل يَنبغي عليك أن تجعل العجلات تَنغلِق من خلال الضغط على المكابح بأقصى قوَّة لدَيك أم ينبغي عليك أن تضغط عليها بأقصى قدْرٍ مُمكِن لكن من دون أن تجعل العجلَات تَنغلِق؟ وإذا انزلقَتْ سيارتك وخرجَت عن السيطرة تمامًا، فلماذا يتوقَّف انزلاق السيارة على نحوٍ مُباغت؟

الجواب: عادةً ما تُؤيِّد الكُتب الدراسية الاختيار الثاني وتُشير، مُحقَّةً، إلى أن احتكاك الإطارات هو ما يجعل السيارة تتوقَّف؛ فعندما تدور العجَلات، ربما يتزايد معدَّل الاحتكاك ليصِل إلى أقصى درجةٍ له من خلال الضغط على المكابح بالقدْر المناسب. لكن إذا ضغطتَ بقوة أكبر على المكابح، تنغلِق العجلات وتنزلق الإطارات، وحينها يقلُّ الاحتكاك أكثر فأكثر، ومع تراجُع درجة الاحتكاك لا بدَّ أن تطول مسافة التوقُّف.

والخيار الأفضل هو أن تَضغط على المكابح بحيث تجعل العجلات على وشْك الانزلاق؛ ومِن ثَمَّ تكون مسافة التوقُّف قصيرة. أليس كذلك؟ حسنًا، في الواقع، الأمر ليس كذلك؛ لأنَّ هذا الخيار قد يَزيد مسافة التوقُّف بنسبة ٢٥ ٪ أكثر مما لو جعلتَ العجلات تَنغلِق وتَنزلِق تمامًا.

 المنطق الذي تَستند إليه الكُتب الدراسية غير سليم في حالات الطوارئ، وذلك لسببَين؛ السبب الأول هو أنه لن يكون لديك متَّسع من الوقت لتُجرِّب درجات متفاوتة من الضغط على المكابح. والسبب الثاني مُتعلِّق بعزم دوران السيارة الناجِم عن قوى احتكاك العجلات؛ وهذا العزم يدفع السيارة إلى الأمام من خلال دوَرانها حول مِحوَرٍ أفقي عبْر مركز الكتلة ،  ويُقلِّل هذا الدوران الأحمال الواقعة على العجلتَين الخلفيَّتَين - الخاص بها، كما في الشكل المرفق ، ويَزيد الأحمال على العجلتَين الأماميَّتَين.

هَبْ أنك ضغطتَ على المكابح بقوة كافية لتجعل السيارة على وشْك الانزلاق.  نظرًا لأنَّ جميع العجلات ما زالت تدور في حركتها المُعتادة، ونظرًا لأنَّ الأحمال الواقعة على العجلتَين الخلفيَّتَين تناقصَت، تكون العجلتان الخلفيَّتان على وشْكِ الانزلاق ( وليس العجلتان الأماميَّتان ذواتا الأحمال الإضافية)  ويصير الاحتكاك الواقع على العجلتَين الخلفيتَين ضئيلًا.

إذا كانت المكابح الأماميَّة والخلفية مُماثلة، فإنَّ درجة الاحتكاك الواقعة على العجلتَين الأماميَّتَين تكون ضئيلة على نحوٍ متساوٍ، وكذلك درجة الاحتكاك الإجمالية للسيارة تكون ضئيلة؛ ومِن ثَمَّ تطُول المسافة التي تقطعها السيارة للتوقُّف عن الحركة.

الآن، هبْ أنك ضغطتَ على المكابح بقوةٍ كافية لتَنغلِق جميع العجلات وتنزلق تمامًا.

مع انزلاق العجلات، تَعتمِد قوى الاحتكاك على الأحمال الضاغطة على العجلات. ونظرًا لأن الأحمال مُتزايدة على العجلتَين الأماميَّتَين، تكون درجة احتكاكهما كبيرة. وعلى الرغم من أن درجة احتكاك العجلتَين الخلفيَّتَين ضئيلة، فإنَّ هذا الاحتكاك المُتزايد للعجلتَين الأماميَّتَين يعني أن درجة الاحتكاك الإجمالية للسيارة تكون أكبر ممَّا كانت عليه في الموقف السابق، ولذا تتوقَّف السيارة بعد قطع مسافة أقل. ورغم ذلك، فإنه لا يُحبَّذ جعل العجلات تنغلق لأنَّ الانزلاق يُفقدك السيطرة على السيارة، وربما تدور السيارة حول نفسها بكلِّ سهولة ، ممَّا يتسبَّب في اصطدامك بالسيارات المُجاوِرة أو السيارات القادمة في المنطقة المرورية المُقابِلة.

 

يَحدُث توقُّف السيارة عن الانزلاق على نحوٍ مُباغِتٍ بسبب الزيادة المفاجئة للاحتكاك الواقع على الإطارات. أثناء حدوث الانزلاق فإنَّ المنطقة التي تتلامَس فيها الإطارات بالأسفلت تتشحَّم بالقطران السائل والمطَّاط المُنصهِر ،ولكن مع تباطُؤ السيارة، تقلُّ المواد المنصهرة ويقلُّ التشحيم، وهو ما يزيد من الاحتكاك فجأة.

المصدر : The Flying Circus of Physics

النشرة البريدية

الرجاء تعبئة التفاصيل ادناه لتلقي نشرتنا البريدية