البيولوجيا

جزيء صغير يوقف تسوّس الأسنان في نموذج ما قبل التجارب السريرية

 

 أنشأ باحثون في جامعة ألاباما في برمنغهام جزيء صغير يمنع أو يقي أو يوقف تسوّس الأسنان في نموذج ما قبل التجارب السريريّة. يوقف هذا المثبط وظيفة إنزيم الفوعة أو الضراوة Virulence Enzyme الرئيسي وهذا الإنزيم هو عبارة عن جزيئات توجد أو تفرز بواسطة بكتيريا الفمّ. يمكنك فهم هذه العمليّة التي يقوم بها هذا المثبّط عن طريق تخيّل إلقاء مفتاح إنجليزي (وهو المثبّط) لجعل تروس الآلات تعلق (وهو الإنزيم) في هذه الحالة.
في ظلّ وجود هذا الجزيء، يصبح السبب البكتيري الرئيسي الكامن وراء تسوّس الأسنان وهو جزيء "العقدية الطافرة" Streptococcus Mutans غير قادر على إنتاج الغشاء الحيوي الواقي والرقيق (البيوفيلم) Biofilm وهو تكدّس معقّد للكائنات المجهريّة يتّسم بإفراز نسيج محصّن ولاصق خارج الخليّة الأمر الذي يسمح له بالالتصاق بسطح الأسنان ويساعده على إتلاف مينا الأسنان عن طريق إنتاج حمض اللاكتيك (اللبنيك).

يبدو أن هذا "التثبيط الانتقائي" ضدّ هذا الغشاء اللاصق (البيوفيلم) يتصرّف على وجه التحديد ضد العقديّة الطافرة S. Mutansوهي البكتيريا التي تعتبر المساهم الأكبر في تسوّس الأسنان. يقلّل المثبط تسوس الأسنان عند الفئران التي تمّ وضعها تحت نظام غذائي يعزّز تسوّس الأسنان بشكل كبير.
يقول الباحثون في أحد المقالات في مجلّة "تقارير علمية" Scientific Reports : " يشبه المركّب الذي قمنا بالتوصّل إليه العقار الطبّي، فهو غير بكتيري ويسهل تركيبه ويُظهر فعالية قوية جداً في الجسم الحي". يضيف الباحثون أنّ هذا المركّب "مرشح ممتاز يمكن تطويره إلى أدوية علاجية تمنع وتعالج تسوس الأسنان".
يعاني حوالي 2.3 مليار شخص في جميع أنحاء العالم من تسوّس في الأسنان الدائمة وفقاً لدراسة تابعة ل "عبء الأمراض العالمية" Global Burden of Disease لعام 2015. تزيل الممارسات الحالية والتي يتبعا الأشخاص لمنع تسوس الأسنان مثل غسل الفم واستخدام فرشاة الأسنان بكتيريا الفمّ بشكل عشوائي من خلال الوسائل الكيميائية والفيزيائية وتكون نتائجها محدودة. إنّ الكلمة "Caries" أو "تسوس" هي الكلمة اللاتينية لوصف "الفساد".
يقول "ساداناندان فيلو" الحاصل على الدكتوراة والأستاذ المساعد للكيمياء في كلية العلوم والآداب في جامعة ألاباما في برمنغهام UAB والباحث الرئيسي لهذه الدراسة: "لو حصلنا على شيء بإمكانه تجريد البكتيريا من قدرتها على تشكيل الأغشية الحيوية بشكل انتقائي فإنّ هذا سيكون تقدماً هائلا".
يقول "هوي وو" وهو أستاذ في طب أسنان الأطفال من كلية طب الأسنان في جامعة ألاباما ومدير مركز ميكروبيوم الجامعة وباحث رئيسي في الدراسة: "يُعتبر هذا أمراً مهمّاً في مجال استهداف الميكروبيم باستخدام مجسّات كيميائية مناسبة لمسبب المرض بشكل خاص في مجتمع ميكروبي معقد".
يضيف وو: "يوفّر التطوّر الناجح للمثبط الأساسي الانتقائي دليلاً على أنّ الاستهداف الانتقائي للبكتريا الحلقية يعد خطوة واعدة لتصميم علاجات جديدة". ويضيف: "إنّ هذا الأمر مهم لكثير من الأمراض البشرية التي يصعب الكشف عنها، حيث إنّ الميكروبيوم مرتبط بالصحة العامة والمرض".
يختص وو في البكتيريا والكيمياء الحيوية، بينما يختصّ فيلو هو تصميم العقاقير القائم على التركيب. شملت الدراسة أيضاً العديد من الباحثين من قسم علم الأحياء الدقيقة في كلية الطب في جامعة ألاباما.

تفاصيل البحث
يتم تصنيع بيوفيلم الجلوكان بواسطة ثلاثة من "إنزيمات جلوكوزل العقديّة الطافرة" S. mutansglucosyltransferase أو "إنزيمات الجلوكوزل" (Gtf). بما أنّ بنية بلورة إنزيمات جلوكوزل العقديّة الطافرة معروفة، استخدم الباحثون هذا الهيكل لفحص 500,000 مركّب "شبيه بالدواء" ليتمّ ربطها في موقع الإنزيم النشط بواسطة المحاكاة الحاسوبية.

تم فحص واختبار قدرة تسعين مركّباً بسقالات متنوعة من المركّبات التي تُعتبر مبشّرة في قدرتها على وقف تشكيل البيوفيلم بواسطة "العقدية الطافرة" في المزارع في فحص الحاسوب. أظهرت سبعة من هذه المركّبات قدرة تثبيط منخفضة للميكروبيم في حين تمّ اختبار أحدها وهو مركّب #G43 على نطاق أوسع.

قام مركّب #G43 بتثبيط نشاط "إنزيمات الجلوكوزلB" و "إنزيمات الجلوكوزل C" مع تقارب ميكرومولار (يستخدم المولار لقياس تركيز المادة المذابة في محلول) ل "إنزيمات الجلوكوزل B" وتقارب نانومولار ل "إنزيمات الجلوكوزل C" . لم يقم مركّب #G43 بمنع التعبير الجيني عن جين "إنزيمات الجلوكوزل C" ، كما أنّه أنه لم يؤثر على نمو أو بقاء العقديّة الطافرة والعديد من أنواع بكتيريا الفم الأخرى والتي تمّ فحصها. لم يقم مركّب # G43 بمنع إنتاج البيوفيلم من قبل عدة أنواع أخرى من البكتيريا العقديّة في الفمّ.

تمّ إصابة الفئران التي تتبع نظاماً غذائيّاً منخفض السكروز بالعقديّة الطافرة في نموذج الفئران لتسوّس الأسنان، وتم علاج أسنانهم موضعياً باستخدام # G43 مرتين يوميّاً لمدة أربعة أسابيع. تسبب العلاج ب #G43 في تقليل المينا وتسوّس الأسنان بشكل كبير.

كتب وو و فيلو في ورقتهما البحثيّة: "هذا يعني أنّنا قمنا بتطوير مثبط بيوفيلم منخفض الميكرومولار والفريد من نوعه والذي يستهدف "إنزيمات جلوكوزل العقديّة الطافرة" من خلال الترابط بعوامل الفوعة الرئيسية ل "إنزيمات الجلوكوزل" عن طريق استخدام التصميم القائم على التركيب".

 

 

المصدر 

النشرة البريدية

الرجاء تعبئة التفاصيل ادناه لتلقي نشرتنا البريدية