البيولوجيا

فيتامين (أ) في الأرز- خطوة للأمام

 

 يُعتبر نقص فيتامين (أ) في الغذاء سبباً أساسيّاً للمشاكل الصحية في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن يؤدي هذا النقص إلى العمى وحتى الموت. يُعتبر هذا النقص مشكلة خاصّة في دول العالم الثالث، حيث يعاني الأطفال من نقص فيتامين (أ) أو بيتا كاروتين وهو مضاد أكسدة يتحول إلى فيتامين (أ) بمجرد دخوله إلى الجسم بسبب سوء التغذية. تُعتبر الكاروتينات مسئولة بالإضافة للكثير من الوظائف عن اللون البرتقالي في البطاطا الحلوة والجزر. يستخدم البيتا كاروتين بفضل لونه المكثف في صناعة المواد الغذائية مثل المشروبات المرطّبة واللبن وغيرها من المواد الغذائية. يعرف البيتا كاروتين باسم "ملوّن غذائي" E160 .
لا يحتوي الأرزّ والذي يُعتبر من أهم المواد الغذائيّة الأساسية في آسيا على البيتا كاروتين في نواته، ولكن هناك كاروتينات في أوراق نباته. لا تُستخدم هذه الأصباغ الطويلة والقابلة للذوبان في عملية التمثيل الضوئي وهي العمليّة التي يُنتج فيها النبات الطاقة والأكسجين فحسب، ولكنّ النبات يستخدمها أيضاً في عمليات أخرى.
يُعتبر الفيتوين Phytoene وهو أحد المركّبات السابقة لبيتا كاروتين عديم اللون وغير قابل للذوبان في الماء ويمكن العثور عليه في لبيد ثنائي الطبقة في عضيات البلاستيد وهو الطبقة الخارجية من هذه الحجرات الخلوية المغلقة والتي تشارك في العديد من العمليات بما في ذلك التمثيل الضوئي. يحوّل إنزيم فيتوين ديساتوراس (PDS) الفيتوين إلى المركّب الوسيط التالي في التركيبة التي تمتلك اللون الاصفر. أوضح الباحثون في مختبرات الدكتور "بيتر بيير" في كلية الأحياء والدكتور "أوليفر إينسل" في كلية الكيمياء والصيدلة في جامعة فرايبورغ الهيكل الثلاثي الأبعاد لـ "فيتوين ديساتوراس" في الأرز بالإضافة إلى آلية تحول الفيتوين بنجاح.
كان على الدكتورة "ساندرا جيمكر" و"أنطون بروسيمان" عزل الإنزيم النقي للغاية وبلورته حتى يتمكنوا من الحصول على صورة هيكلية ثلاثية الأبعاد من خلال تجارب "الانعراج" أو الحيود Diffraction باستخدام الأشعة السينية. اكتشف الباحثان بعد ذلك أن إنزيم فيتوين ديساتوراس (PDS) ينغمر جزئياً في اللبيد ثنائي الطبقة في عضيات البلاستيد ويحتوي على نفق "صاد للماء" Hydrophobic. يبدأ المحفز عمله عند دخول جزيء الفيتوين النفق ووصوله إلى مركز تفاعل الإنزيم حيث يتحول نصف جزيء الفيتوين إلى مرحلة الكاروتينويد الوسيطة. يدخل إنزيم فيتوين ديساتوراس (PDS) آخر بعد أن يترك المنتج الوسيط النفق بنفس الطريقة التي جاء بها، حيث يتم تحويله بشكل كامل. يقوم جزيء مساعد يعرف باسم "كينون" Quinone عندها بتجديد الإنزيم. يصل الكينون للإنزيم من خلال نفس النفق ويأخذ الإلكترونات الزائدة، حيث يقوم بذلك باعداد الإنزيم لدورة التفاعل التالية.
اذا لم يعمل إنزيم فيتوين ديساتوراس (PDS) في أحد النباتات بالشكل الصحيح كرد فعل على مبيدات الأعشاب، مثلاً، تصبح عندها براعم النبات شاحبه وبيضاء بدلا من الخضراء، ويموت النبات في تلك الحالة في غضون أيام قليلة. عمل العلماء في جميع أنحاء العالم منذ أوائل القرن العشرين على الكشف عن الآليات الدقيقة لتركيبة الكاروتين. كان ذلك صعباً بسبب التكوين المعقد لمجمّعات الإنزيم المختلفة وبسبب أعدادها المنخفضة نسبياً في الخلايا النباتية. تمكن الباحثون من جامعة فرايبورغ من توضيح هيكل إنزيم فيتوين ديساتوراس (PDS) باستخدام التخصص، فقد أضافوا جزيء من النورفلورازون وهو مبيد للأعشاب تم تطويره في السبعينيات خلال عزل إنزيم فيتوين ديساتوراس (PDS). تمّ تعطيل إنزيم فيتوين ديساتوراس (PDS) بسبب وجود النورفلورازون وبالتالي لم يعد متوافراً لنموّ النباتات مما سبب لها التبييض والموت. تساعد معرفة موقع واتجاه مبيد الأعشاب المبيّض هذا في الإنزيم الباحثين على تطوير عوامل جديدة في المستقبل. يمكن الآن أيضا إحداث تغييرات محددة في تسلسل الإنزيم واستخدام إجراءات التكنولوجيا الحيوية لإعطاء المحاصيل ميزة إضافيّة على الأعشاب الضارة.
 

 

 

المصدر 

النشرة البريدية

الرجاء تعبئة التفاصيل ادناه لتلقي نشرتنا البريدية