شيّد العلماء سلسلة من الروبوتات المرنة والصديقة للبيئة والتي تمتلك القدرة على شفاء نفسها بنفسها عند الطلب بحيث لا يظهر أيّ أثر لوجود ضعف مكان "ندوب" هذه الروبوتات.
تُستندّ قوة الشفاء الذاتي لهذه الروبوتات على المواد التي تتكون منها وهي البوليمر المطاطي، الذي يحتوي على جميع الخصائص الكلاسيكية للأجسام الروبوتية اللينة وهي المرونة والليونة والمتانة الشاملة، بالإضافة إلى قدرات إضافيّة كقدرته على الإصلاح الذاتي وإعادة التدوير.
تمّ استخدام مواد مماثلة في الجانب العملي مثل منصّات إطلاق النّار والتي "تلتئم" بعد مرور الرصاصة خلالها أو طلاء السيارات بعد تعرّضه للخدش. يُعتبر دمج هذه المواد مع الروبوتات وخاصة تلك التي تتفاعل مع البشر بمثابة الخطوة التالية لنقل مهارة "الشفاء الذاتي" إلى المجال الصناعي.
يقول "برام فانديربورت" وهو أستاذ في جامعة بروكسل الحرة والمؤلف المشارك في الدراسة التي تمّ نشرها في السادس عشر من آب لعام 2017 في دوريّة "روبوتات العلم" Science Robotics: "تفتح أبحاثنا آفاقا واعدة، فهي لا تجعل الروبوتات أخف وزناً وأكثر أماناً فحسب، ولكنّها ستكون أكثر قدرة على العمل بشكل مستقلّ دون الحاجة إلى إصلاحات مستمرة ".
ذكر فانديربورت مشهد فيلم ديزني "الأبطال الستّة" Big Hero 6 والذي يظهر فيه الروبوت بايماكس المرن وهو يحاول تضميد جراحه بشريط لاصق وهو الجوهر الأساسي لهذا المشروع.
تُعتبر الروبوتات المرنة مثالية لمجموعة متنوعة من الوظائف، مثل الانتقال عبر المناطق الوعرة ودخول مساحات صغيرة وتحويل شكلها الخارجي. يمكن استخدام هذه المهام في العديد من التطبيقات على أرض الواقع بدءً بالتطبيقات التي تتطلب تفاعلاً إنسانيا متكررًا كالمساعدة الطبية أو المساعدة الاجتماعية إلى التطبيقات التي تتطلّب بيئات خاصّة بها كالصناعة أو البناء أو بعثات البحث والإنقاذ.
تشبه ليونة ومرونة وتمدد هذه الروبوتات خصائص أنسجة الكائنات الحية التي توفر الحماية الفائقة لها بالإضافة إلى جعلها تتكيّف وتتجاوز الضرر بطريقة أسرع، إلّا أنّ العديد من نماذج الروبوتات تفتقد لهذه الخاصيّة.
يقول فانديربورت: "تُعتبر المواد اللينة المستخدمة في بناء الروبوتات أكثر عرضة لخطر القطع والثقب الناجمة عن الأجسام الحادة الموجودة في البيئات التي لا يمكن ضبطها أو التحكّم بها، كما يمكن أيضاً أن تتلف بسبب "الضغط الزائد" الناجم عن تدفق الهواء الأكثر من اللازم داخل هيكل الروبوت والتي تُعتبر الطريقة النموذجية للسيطرة على حركة روبوتية مرنة.
بحث فاندربورت وفريقه عن سبل لمساعدة الروبوتات اللينة على إصلاح إصاباتهم لتفادي القصور السابق. لا تزال هذه القدرة على الشفاء الذاتي في خطواتها الأولى نحو عالم الرّوبوتات.
يقول فانديربورت: "تم تحقيق الشفاء الذاتي بشكل رئيسي على مستوى البرمجيات، فقد تمكّن الروبوت جيان بابتيست موريت من التكيّف مع إصاباته". يعني فانديربورت بقوله هذا أنّه عندما يكسر الروبوت موريت ساقيه الخلفيّتان، فإنه يعيد برمجة نفسه بحيث يتعلم المشي على ساقيه الأماميّتين.
منح فريق فانديربورت الروبوتات القدرة على الشفاء الذاتي للروبوتات من خلال المواد التي تعمل على استعادة الخصائص الميكانيكيّة للروبوت وليس فقط على نطاق البرمجة.
قام الباحثون ببناء قابض روبوتي مرن بالإضافة إلى يد وعضلات صناعيّة قادرة على إصلاح "جروح" كبيرة وصغيرة في غضون 20 - 40 دقيقة عند تعرّضها لحرارة معتدلة تصل لحوالي 80 درجة مئوية باستخدام مواد المطاط الصناعي الحساسة للحرارة.
تكسر الحرارة هيكل المطاط الصناعي المتين المكوّن من الروابط الكيميائية المتقاطعة، مما يجعل هذه "الجروح" قابلة للالتئام. يتمّ تبريد هذه المادّة إلى حوالي 25 درجة مئوية مما يجعل هذا الجرح "يتعافى" تماماً.
يقول الباحثون أنّ كفاءة الإصلاح الذاتي بهذه الطريقة وصلت إلى حوالي %98 - 99.
يقول فاندربورت: "لم نطور روبوتات فريدة من نوعها، فالعضلات المملوءة بالهواء المضغوط والقوابض والأيدي لطالما تمّ ذكرها بالأدب، إلّا أنّ مساهمتنا الفريدة تكمن في اثباتنا أن هذه النماذج يمكن تطويرها باستخدام مواد شفاء ذاتي".
أظهر فريق فاندربورت أنّ هذه المواد قابلة للتدوير عن طريق إذابة المطاط الصناعي المستخدم في هذه الروبوتات في الكلوروفورم، إلّا أنّ كفاءة الإصلاح الذاتي للمواد المكرّرة تنخفض بشكل طفيف إلى نسبة %81.
تساعد قدرات الإصلاح الذاتي هذه على إعداد الروبوتات المرنة للعالم الحقيقي. يقول فانديربورت: "من أهم التحديات التي تواجهها الروبوتات المرنة أن المزيد من النماذج الأولية بحاجة إلى إيجاد طريقها إلى السوق، ولقد اتخذنا خطوة على هذه الطريق بفضل هذه التقنيّة". يضيف فانديربورت: " نعتقد أن دراستنا مجرد بداية للعديد من التطبيقات المحتملة".
الفيديو
المصدر