لا ترتبط الفيزياء بالأسئلة الكبيرة فقط كسؤال من أين جاء هذا الكون وكيف يعمل، لكنّها تمتلك العديد من تطبيقات الحياة الواقعيّة أيضاً.
تعدّ الرياضة واحدة من هذه التطبيقات، حيث تقف الفيزياء وراء الكثير من الأنشطة الرياضية.
في الوقت المحدد
تُستخدم الفيزياء في توقيت دقّة حركات العدائين من خطّ البداية والنهاية حيث يحتوي خطّ البداية على جهاز يحتوي على كتلتين يضع العداؤون أقدامهم عليها ويسبب انطلاقهم عند بداية السباق الضغط عليها.
يتم دمج كتل البداية الحديثة مع نظام إشارة بدء ذات تكنولوجيا فائقة، فإذا كشفت أجهزة الاستشعار هذه أن أحد الرياضيين قد رفع قدميه أسرع من الزمن الذي يحتاجه الانسان للقيام برد فعل ،و يساوي 0.1 ثانية ، يتم إطلاق هذه الإشارة تلقائياً دلالة على بداية خاطئة.
أمّا بخصوص خطّ النهاية، فإنّ أيّام تشطيبات الصورة ودراسة أي عداء قد وصل قبل الآخر عند خطّ النهاية قد ولّى منذ فترة طويلة، حيث تستخدم الآن تقنية تحديد الهوية بموجات الراديو RFID المماثلة لتلك المستخدمة في العلامات الأمنية لمتاجر البيع بالمفرق، ولكنّها أكثر دقة في هذه الحالة لتحديد أيّ المتسابقين قد عبر خط النّهاية أوّلاً ومدى سرعة هذا اللاعب. ترتبط بعض أجهزة استقبال إشارة الراديو وإرسال إشارة مختلفة تلقائياً بأحذية العدائين، ويرتبط البعض الآخر برقم هذا اللاعب، ويُعتقد أن الطريقة الأخيرة أكثر دقة لأنها تكشف اللحظة التي يعبر بها جذع الإنسان خط النهاية بدلاً من قدمه.
استخدام القوة
للتفوق في أي رياضة، فإنّ مجرد اللياقة البدنيّة ليست كافية، والمنافسون بحاجة إلى تطوير تقنية جيدة للركض والسباحة أو الاصطفاف بطريقة أسرع من خصومهم.
في رياضة التجديف مثلاً، تُستخدم مجاديف ذات تكنولوجيا عالية ومزودة بأجهزة استشعار ضغط في تحديد القوى الواقعة على كل جزء من المجداف في نقاط مختلفة خلال كلّ مرّة من مرّات التجديف. يمكن للرياضيين مراجعة الرسم البياني للقوة في أوقات مختلفة خلال الدورة التدريبية مع مدربهم بعد ذلك، ويتيح لهم هذا تحديد أي جانب من جوانب تقنيّة التجديف التي يقومون بها بحاجة إلى تطوير من أجل منحهم أفضل فرصة لتحقيق الفوز.
العالم المادي
يختبر العدائين وراكبي الدراجات والسباحون قوة تدفعهم في الاتجاه المعاكس للاتجاه الذي يندفعون إليه بسبب مقاومة الهواء أو الماء الذي يتحركون من خلاله.
تقلل التحسينات في تقنية تغيير وضع راكبي الدراجات مقدار هذه القوة عن طريق الحد من مساحة المقطع العرضي النسبيّ. يمكن أن يقلل قيام راكبي الدراجات بضمّ أجسادهم بإحكام الى إطار الدراجة بتقليل قوة السحب (drag force ) بمقدار النصف، ولكن التصميم الدقيق للمواد يمكن أيضاً أن يسبب تدفق أكثر مرونة حول جسم الرياضي بدلاً من الدفع ضدّه.
بدأ السباحون في عام 2009 باستخدام لباس سباحة كامل مع ألواح البولي يوريثان. تُقلّص ملابس السباحة الضيقة من مساحة مقطع عرضي أصغر وتقضي أيضاً على احتكاك الجلد مما يسمح للمياه بالتدفق على الجسم بسهولة أكبر. نتج عن استخدام هذه الملابس تحطيم عدد من الأرقام القياسيّة العالمية.
الصحة و السلامة
تُستخدم أساليب الفيزياء مثل الموجات فوق الصوتية بشكل روتيني من قبل أخصائيي العلاج الطبيعي لمساعدتهم في شفاء ورصد إصابات الرياضيين.
تُستخدم الموجات الصوتية عالية التردد لأخذ صورة لركبة لاعب كرة قدم مثلاً لأن الأنسجة المختلفة تعكس تلك الموجات مرة أخرى في شدة مختلفة، ويمكن لأخصائي العلاج الطبيعي معرفة نوع وعمق الأنسجة التي يبحثون عنها بناءً على ذلك.
استخدمت هذه الموجات لتشخيص حالات مرضيّة مثل وجود السوائل على الركبة أو لتحديد مكان التمزّق في الوتر قبل أن تتحوّل هذه الحالات إلى مشاكل كبيرة، مما ينقذ الرياضيين من التوقف عن التدريب لفترات طويلة أثناء فترة التعافي من الإصابة.
الأفضليّة
قطعت الأطراف الصناعية شوطاً طويلاً منذ عهد السيقان الخشبية المرتبطة بالقراصنة في القرن السادس عشر. بينما كانت العكازات جامدة، تم تصميم الأطراف الاصطناعية الحديثة لمحاكاة أطراف حقيقية عن طريق تخزين الطاقة ومن ثم إطلاقها.
تتغير صلابة الأطراف الصناعية من ألياف الكربون المستخدمة من قبل العدّاء الشهير أوسكار بيستوريوس بناءً مكان تطبيق الطاقة حيث لا تزال قاسية عند الركبتين ولكن الأجزاء التي تتصل بالأرض تعمل كنابض يرتدّ عند تعرّضه للقوّة.
في الواقع، إنّ هذه الأطراف جيدة جداً للدرجة التي جعلت الاتحاد الدولي لألعاب القوى يعتبر بيستوريوس يمتلك ميّزة إضافيّة مقارنة باللاعبين الذين لا يعانون من أيّ بتر ولا يستخدمون هذه الأطراف حتى تمّ عكس هذا القرار من قبل المحكمة الدولية للتحكيم في الرياضة في عام 2008.
المصدر