أوضح مارتين زوييرلين وهو عالم فيزيائي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في كامبريدج أن عمليّة النقر تخلق موجات تنتشر عبر سطح الماء ثمّ تختفي ببطء بطريقة تكشف عن خصائص الماء. حاول زوييرلين وزملاؤه مؤخرًا من خلال أحد التجارب الاستفادة من علبة زجاجيّة تحتوي على عدد من الذرات شديدة البرودة وتمتلك خصائص السائل في أحد ورشات العمل.
تعتبر عمليّة إبطاء الموجات المنتقلة عبر سطح السائل طريقة قياسية لتحديد لزوجة السائل وخصائص أخرى. يقول زوييرلين: "قام الباحثون بالنّقر على وعاء الهيليوم عندما اكتشفوا الهليوم السائل لأوّل مرّة".
أظهرت التجارب على الذرات الباردة النتيجة ذاتها لعدم وجود وعاء زجاجي مناسب لاحتجازها. يقوم الباحثون عادةً باحتجاز مجموعة من الذرات شديدة البرودة باستخدام أشعة ليزر طولية تركز على نقطة واحدة في المساحة. يتم استقطاب الذرات بواسطة هذه الحزم ودفعها نحو نقطة محورية في الحزمة حيث يكون الضوء شديدًا. تكون السحابة الناتجة من الذرات المحتبسة أكثر كثافة في المركز مقارنة مع أي مكان آخر. يقوم عدم التجانس بتعقيد تجربة النقر بسبب إعتماد حركة الموجة على شكل الوعاء بشكل أكبر من اعتمادها على خصائص الذرات الشبيهة بالسوائل.
طور زوييرلين وفريقه في العام الماضي صندوق ليزر يتعامل مع هذه المشكلة. يمكن للصندوق الذي يشبه علبة الصفيح المغلقة ويبلغ طوله عُشر المليمتر السماح للذرات المحتبسة بالانتشار بشكل متساوي. يقوم الليزر والذي يظهر على شكل حلقة بخلق شعاع ضوء أسطواني مجوف يوفر حواجز جانبية للذرات. توجد في الصندوق صفيحتا ليزر تلامسا نهايتا الأسطوانة مما يؤدي إلى إيقاف محتويات الصندوق من الخروج. يقوم الفريق بتعديل شدة أحد إشعاعات الليزر الموجّهة عن طريق إرسال موجات عبر الذرات المحتبسة للنقر على الصندوق. يستخدم الباحثون تقنية تصوير الذرة لمشاهدة التموجات بعد ذلك.
استهدفت أول تجارب المجموعة مع صندوق الليزر ذرات الليثيوم -6 وهي عبارة عن فرميونات تتفاعل بقوة مع بعضها البعض. تتصرف هذه الذرات عندما يتم تبريدها لدرجات حرارة قريبة من الصفر المطلق كسوائل مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تشكيل سائل فائق عند حوالي 50 مليار من الكلفن. قام الفريق بتبريد سائل ذرات الليثيوم إلى درجات حرارة مختلفة ثم استخدامه في صندوق الليزر وقياس سرعة ومدى الموجات الناتجة. وجد الفريق أن الأمواج تهاوت كما هو متوقع لسائل كلاسيكي مثل الماء في جميع درجات الحرارة مع عدم وجود فرق واضح في معدل الاضمحلال عندما انتقلت الذرات إلى مرحلة الميوعة الفائقة superfluid. يقول زويرلين أن هذه النتيجة جاءت مفاجئة لأن الميوعة الفائقة تمتلك عادة لزوجة صفرية ولذلك يجب أن تتحلل الموجة التي تتحرك من خلالها ببطء أكثر من السائل العادي.
كشفت القياسات عن تصرفين جوهريين لسوائل الكم: أولاً، وجد الفريق أن انتشار الأمواج يخضع لثابت بلانك مقسومًا على الكتلة الذرية والتي لوحظت أيضًا في الهيليوم -4 فائق الميوعة superfluid. ثانياً، اكتشف الفريق ما يعرف باسم موجة انتشار الحرارة أو "الصوت الثاني" في المرحلة فائقة الميوعة. تنتشر الحرارة بعيداً عن بقعة ساخنة بطريقة منتظمة في سائل تقليدي. تتحرك الحرارة في حالة الميوعة الفائقة إلى الخارج على شكل موجات. يقول زوييرلين: "تنتشر الحرارة فقط في حالة الميوعة الفائقة.".
يقول زويورلين: "إن فيزياء هذه الأمواج مميزة للغاية". تساعد دراسة الأمواج الفيزيائيين على التعامل بشكل أفضل مع اللزوجة وخصائص أخرى للفيرميونات المتفاعلة بقوة والتي يصعب التنبؤ بها نظريًا بسبب سلوك الكم المعقّد في النظام. تمتلك التجارب أيضًا أهمية شخصية للباحث. يقول زويورلين أن علماء الفيزياء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا كانوا يستخدمون الهيليوم السائل "في نفس مختبر الأبحاث الذي نجري فيه تجاربنا الحالية" منذ 70 عامًا.
المصدر