تلعب البيئة التي يعيش فيها الإنسان العامل الأكبر وراء عدد السنوات التي يعيشها، وغالباً ما يكون لتناول اللحوم جانباً في هذا المجال.
إنّ قدرتنا على عيش حياة طويلة تتأثر بعدّة عوامل منها جيناتنا والبيئة التي نعيش فيها. قدّر العلماء في دراسة تضمّ توائم متشابهين بأنّ مقدار التأثير القادم من جيناتنا لا يتعدّى نسبة ال %30، يعني هذا بأنّ لبقيّة العوامل والتي يبلغ مقدارها %70 علاقة بالبيئة التي نعيش فيها.
بعض العوامل البيئيّة التي تمّ التركيز على دراستها هي عوامل لها علاقة بنظامنا الغذائي. يعدّ التقليل من السعرات الحرارية واحداً من هذه العوامل. تظهر الدراسات حتّى الآن أنّ التقليل من السعرات الحراريّة في نظامنا الغذائي تسهم في رفع معدّل الحياة على الأقلّ عند المخلوقات الصغيرة، لكن كلّنا نعلم بأنّ ما ينطبق على الفئران مثلاً لا يعني بالضرورة أن ينطبق على الإنسان.
ماذا نأكل وكم هي كميّة ما نأكل هو أيضاً أحد المواضيع الهامّة التي نقوم بدراستها عادة، وهذا ما يجعلنا نركّز على كميّة استهلاك اللحوم. تابعت إحدى الدراسات ما يقارب 100 ألف أمريكي ولمدّة خمس سنوات لتجد بأنّ الأشخاص الذين لا يتناولون اللحوم كانوا أقلّ عرضة للوفاة أثناء فترة الدراسة مقارنة مع من يتناولون اللحوم، وظهر هذا الأمر جليّاً عند الذكور.
أظهرت النتائج عن طريق استخدام تحليل التلوي meta-analyses وهو تحليل يعتمد على جمع وإعادة تحليل نتائج دراسات مختلفة بأنّ النظام الغذائي المعتمد على لحوم أقلّ يجعلك تعيش عمراً أطول، وكلّما زادت فترة التزامك بنظام غذائي خالي من اللحوم كلّما حصلت على نتائج أفضل.
لا توافق بعض الدراسات على هذه النتائج حيث لم تجد أيّ اختلاف أو وجدت اختلافات طفيفة جدّاً في معدّل العمر ما بين من يتناولون اللحوم ومن يمتنعون عن تناولها.
ما يبدو واضحاً تماماً هو قدرة هذه الأنظمة الغذائيّة على تقليل خطر الإصابة بالسكّري بالنوع الثاني وضغط الدم المرتفع وحتّى مرض السرطان. هناك بعض الدلائل أيضاً على أنّ النظام الغذائي الخضري يحمي الإنسان بشكل أكبر من هذه الأمراض من النّظام الغذائي النباتي. كانت هذه النتائج متوقعة حيث تعكس ظواهر حقيقيّة من مشاكل صحيّة بدلاً من كونها مسببة الموت.
هل بإمكاننا إذاً أن نقول بأنّ تجنّب تناول اللحوم سوف يزيد من معدّل حياة الفرد؟ الإجابة ببساطة هي أنّنا لا نعرف بعد.
الإشكاليّة في موضوع معدّل طول الحياة:
أوّل الأشياء وضوحاً في هذا الموضوع هو أنّ الإنسان يعيش مدى حياة أطول مقارنة بالكائنات الأخرى. يجعل هذا من الصعوبة تطبيق الدراسات التي تقوم بقياس تأثير أي أحد من العوامل المؤثرة على مدى حياة أطول، فمن الصعوبة أن تجد عالماً مستعدّاً للانتظار لمدّة 90 عاماً حتّى تنتهي تجربة ما، هذا جعل العلماء يبحثون عن التاريخ الصحّي أو توظيف متطوّعين لعمل دراسات مدّتها قصيرة من أجل القيام بقياس معدّلات الوفاة لرؤية أيّ المجموعات تتعرّض للوفاة أسرع. إنّ اعتماد العلماء على مثل هذه البيانات جعلهم يربطون مقدار تقليل اللحوم مع مدّة حياة أطول.
يواجه هذا المنهاج عدد من المشاكل مثل إيجاد رابط ما بين شيئين مثل أنّ تناول اللحوم والموت المبكّر لا يعني بالضرورة أن أحد هذين الأمرين يسبب الآخر. يعني هذا بأنّ العلاقة المترابطة لا يعني السببية، فقد تكون كلّ من النباتية وطول مدى الحياة شيئين مترابطين لكنّ ذلك لا يفسّر وجود علاقة سببية فيما بينهما، فقد يعني ذلك بأنّ النباتيين يدخنون بطريقة أقلّ أو يتناولون الكحول بمعدّل أقلّ من أولئك الذين يمثلون المجموعة الأخرى ممن يتناولون اللحوم مثلاً.
المصدر