مَن مِنَّا لا يُحبّ رائحة القهوة الطازجة؟ حتّى وإنْ كنّا لا نحبّ نكهتها، فإننا نتعلّق برائحتها. لماذا رائحةُ القهوة أفضلُ من مذاقها؟ الجواب يكمن في الكيمياء.
اللّعاب يُدمّر جزيئات النكهة في القهوة
أحد الأسباب في أنّ نكهة القهوة لا ترقى إلى ما طِيبِ رائحتها هو أنّ اللُّعاب يُدمّر نحو نصف الجزيئات المسؤولة عن الرائحة. وجد العلماء أنّ 300 من أصل 631 من المواد الكيميائيّة التي تشتركُ في تركيب الرائحة المعقّدة للقهوة تتغيّر وتُهضَم بفِعل اللُّعاب الذي يحتوي على إنزيم الأميلاز.
المَرارةُ تَلعبُ دورًا
المَرارةُ هي نَكهةٌ يربطُها الدّماغُ بالمركّبات التي يُحتمَل أن تكون سامّة. الأمرُ أشبه ما يكون بتحذيرٍ بيوكيميائيّ يُثني المرءَ عن الإسراف في التناول، على الأقلّ، في المرّة الأولى التي يجرّبُ فيها طعامًا جديدًا. معظم الناسِ، في بداية الأمرِ، لا يُعجبهم طعم القهوة، الشوكولاتة الخالية من الحليب، النّبيذ الأحمر، والشاي لأنها تحتوي على كحوليّات وأشباه قلويّات يُحتمَل أن تكون سامّة. على أنّ هذه الأطعمة تحتوي، أيضًا، على الكثير من الفلافونويدات وغيرها من الموادّ الصحيّة المُضادّة للأكسَدة، بحيث أنّ حاسّة التذوق تتعلّم كيف تستمتع بها. إنّ الكثير من النّاس مِمَّن لا يحبّون القهوة "الخالية من الحليب" يستمتعون بها عندما يخلطونها مع سُكّر أو كْريما أو إذا كانت مصنوعة مع كميّة قليلة جدًّا من الملح، الأمر الذي يُزيل طَعم المَرارة.
حاسَّتا شَمّ
حسبَ تفسيرِ الأستاذ باري سميث من المركِز لدراسة الحواسّ في جامعة لندن، السبّبُ الرئيس في أنّ مذاق القهوة لا يوافقُ رائحتَها هو أنّ الدماغ يُفسِّر الرائحة على نحوٍ مختلف، وذلك اعتمادًا على ما إذا كانت الحاسَّة تُستقبَلُ من الفمِ أو الأنف. عندما نستنشقُ رائحةً ما، فإنها تدخل من الأنف وعبر طبقة من خلايا المستقبِلات الكيميائيّة، التي تُرسلُ إشارة إلى الدماغ بشأن الرائحة. عندما تأكلون أو تشربون، تسافرُ رائحةُ الطعام نحو القسم الأعلى من الحلق وعبر خلايا المستقبِلات الأنفيّة، ولكن في الاتّجاه المعاكس. توصّلَ العلماء إلى أنّ الدّماغ يُفسّر المعلومات الحِسيّة للرائحة بشكلٍ مختلف، اعتمادًا على وُجهَة التفاعل.
بكلمات أخرى، الرّائحة الأنفية والرّائحة الفميّة ليستا شيئًا واحدًا. بما أنّ النكهة ترتبطُ ارتباطًا وثيقًا بالرّائحة، فإنّ القهوة لا بُدّ أن تُخيّب التوقّعات. تستطيعون أن تُلقوا باللائمة على دماغكم في هذا الشأن.
الشوكولاتة تتغلّب على القهوة
في حين أنّ رشفة القهوة الأولى قد تكون مُخيّبة للتوقعات، فإنّ هناك رائحتان تُفسَّران بالطريقة نفسها، سواءٌ بالشّمِّ أو بالتذوّق. الأولى هي الخُزامى التي تحتفظُ برائحتها الوَرديّة في الفمّ، عِلمًا أنّها تحتوي، كذلك، على نكهةٍ صابونيّة. أمّا الثانية فهي الشوكولاتة التي يكون مذاقُها طيّبًا بقدرِ رائحتها.
المصدر