قد يكون للشرب الخفيف إلى المعتدل بعض الفوائد الصحية . لكن الباحثين لديهم الكثير ليقولوه حول كيفية تأثير الكحول على الدماغ على المدى الطويل .
كيف يمكن للكحول أن يؤثر على صورة الدماغ.
تحوّل شرب الكحول إلى نشاط مقبول اجتماعيًا في مجتمعات متعددة ، بدءًا من العصر الحجري الحديث . من أولى آثار التخمير ، التي حدثت منذ حوالي 10000 عام ، إلى مقدمات المفاوضات التجارية والاحتفالات العائلية - تداخلَ استخدامُ الكحول مع حياة الناس اليومية .
في الولايات المتحدة ، تُظهر البيانات المأخوذة من المسح الوطني لعام 2019 حول تعاطي المخدرات والصحة (NSDUH) أن أكثر من 85 بالمائة من البالغين الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا أو أكبر اعترفوا بشرب الكحول في مرحلة ما من حياتهم ، مع مشاركة أكثر من 25 بالمائة في الإفراط في الشرب . وعلى الرغم من أن تناول المشروبات الكحولية الخفيفة إلى المعتدلة قد يجلب بعض الفوائد الصحية ، بما في ذلك تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب وتقليل التوتر ، إلا أن الإفراط في تناول المشروبات الكحولية على المدى الطويل يمكن أن يؤدي إلى تدمير الدماغ .
ولكن متى يبدأ الخط الفاصل بين بعض المشروبات العرضية والإفراط في تناول الكحوليات في التلاشي؟ ما هي كمية الكحول التي يجب أن تبدأ في التأثير على الدماغ ؟
كيف يؤثر الكحول على الدماغ والسلوك
إن تناول نصف لتر من الكحول لا يعني بالضرورة أنك "تشرب بنهم". وفقًا للمعهد الوطني لإدمان الكحول (NIAAA) ، ينخرط الشخص في الإفراط في الشرب إذا تناول الكحول إلى درجة تجعل تركيز الكحول في الدم (BAC) يصل إلى 0.08 غم / ديسيلتر (غرام لكل ديسي-لتر) أو أعلى . وهذا يعادل خمسة كؤوس أو أكثر للرجال وأربعة أو أكثر للنساء في غضون ساعتين من نفس المناسبة .
وعندما يشرب شخص ما ، يصل الكحول إلى مناطق مهمة من الدماغ - القشرة الدماغية ، الفص الجبهي ، الحصين ، الوطاء ، المخيخ - مما يضعف توازن الشخص وحكمه وخطابه وذاكرته ، ويجبر الدماغ على العمل بجدية أكبر. مع مرور الوقت ، قد تكون زيادة مستويات BAC كافية لإحداث تأثيرات طويلة المدى على الدماغ .
سواء على المدى القصير أو المدى الطويل ، فإن تأثير الكحول على الدماغ يعتمد على العديد من العوامل . إن كمية الكحول التي يشربها شخص ما ، وعدد المرات التي يشربها ، وفي أي عمر بدأ فيه الشرب ، والتاريخ العائلي ، والجنس ، والوراثة ، والحالة الصحية هي بعض من أكثر المحفزات شيوعًا .
التأثيرات قصيرة المدى للكحول على الدماغ
على المدى القصير ، هناك العديد من الأشكال لكيفية تأثير الكحول على الدماغ . يشوه الكحول حواس الشخص . في البداية ، تميل إلى أن تصبح أكثر ثقة حيث يعمل الكحول كمثبط في القشرة الدماغية (التي تتحكم في التثبيط) وتصل إلى المستقبلات المحظورة في الدماغ ، مما يؤدي إلى إطلاق الدوبامين (Dopamin )- المادة الكيميائية المسؤولة عن المتعة.
اعتمادًا على كمية الكحول التي تتناولها ، قد تواجه بعد ذلك تشويشًا في الكلام ، والتراخي ، وضعف الرؤية ، والارتباك ، ومشاكل في الذاكرة . في الحالات القصوى ، يمكن أن تعرض نفسك للخطر.
انقطاع التيار الكهربائي الناتج عن الكحول
التعتيم الناجم عن الكحول هو طريقة أخرى يؤثر بها الكحول على الدماغ . إذا كان الشخص لا يتذكر تفاصيل محادثة أجراها معك أثناء ليلة من المشروبات ، أو ، بالكاد يتذكر الأشياء التي فعلها أو قالها ، فهناك احتمال كبير أن يكون قد تعرض للإغماء
يُعرِّف آرون م. وايت ، الأستاذ المساعد السابق في قسم الطب النفسي في المركز الطبي بجامعة ديوك ، انقطاع التيار الكهربائي بأنه "فترات من فقدان الذاكرة للأحداث التي حدثت أثناء شرب الشخص للشرب".
يحدث الإغماء الناجم عن تناول الكحول عندما يمنع الكحول توطيد الذكريات في الحُصين ، ويؤدي نمط الشرب لدى الفرد إلى إعاقة نقل الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى . تحدث هذه العملية عادةً مع BAC بنسبة 0.16 في المائة ، أو أعلى ، وتعتمد على عوامل أخرى ، مثل مدى سرعة الشخص في الشرب أو إذا كان يشرب على معدة فارغة.
التأثيرات طويلة المدى للكحول على الدماغ
لا يوجد نقص في الأدبيات التي تكشف عن الآثار طويلة المدى للكحول على الدماغ . أظهرت الدراسات أن الاستهلاك المفرط للكحول لفترات طويلة يمكن أن يؤدي إلى مشاكل الصحة العقلية ، بما في ذلك القلق والاكتئاب ، ويمكن أن يؤدي إلى اضطراب تعاطي الكحول . لكن هذا ليس كل شيء. يتبع العلماء نهجًا استباقيًا لفهم دور الكحول في انكماش الدماغ ، بالإضافة إلى اضطرابات الدماغ الحادة الأخرى .
انكماش الدماغ
نظرًا لأن الكحول يعيق مسارات الاتصال ، مما يضر بوظائف الدماغ ، فقد وجد الباحثون أن الإفراط في تناول الكحوليات على المدى الطويل يؤدي إلى تغييرات في الخلايا العصبية (بما في ذلك حجمها) ، مما يتسبب في "انكماش الدماغ".
بعد مراقبة استهلاك الكحول وصحة الدماغ من مجموعة من حوالي 427 مشاركًا في دراسة جماعية طولية على مدى 30 عامًا ، خلص باحثون من جامعة أكسفورد إلى أن الانكماش في الدماغ كان مرتبطًا بشكل مباشر بكمية الكحول التي يتناولها الشخص . بشكل أساسي ، في حين أن المشاركين الذين تناولوا أربعة مشروبات أو أكثر يوميًا كانوا أكثر عرضة للإصابة بـ "ضمور الحُصين" ، أو علامة مبكرة لمرض الزهايمر - ستة أضعاف "الممتنعين" - أظهرت الدراسة خطر الإصابة ثلاث مرات لمن يشربون الكحول باعتدال .
نقص الثيامين
بينما نعلم أن الاستخدام المفرط للكحول يضر بالمخ ، فقد ثبت أن العوامل الأخرى غير المباشرة هي مسؤولة أيضاً، مثل عندما يعاني الشخص من نقص الثيامين . أظهرت الدراسات أن استهلاك الكحول المزمن يؤدي إلى نقص الثيامين (فيتامين ب 1) (80 في المائة من الأشخاص الذين يعانون من إدمان الكحول) ، ناجم عن سوء التغذية وإعاقة امتصاص الثيامين من الجهاز الهضمي. المشكلة ؟
الثيامين - الموجود في الخبز والحبوب الكاملة والحبوب المدعمة واللحوم والدواجن والمكسرات والفاصوليا ، من بين الأطعمة الأخرى - هو عنصر غذائي أساسي مهم للأنشطة المناسبة للأنزيمات في الأنسجة ، من بين أدوار أخرى .
يمكن أن تسبب الحالة الأكثر خطورة لنقصها حالة دماغية حادة تسمى متلازمة Wernicke-Korsakoff - تتميز بالارتباك العقلي ، وحركات العين غير الطبيعية ، وصعوبة التنسيق (تسمى الأعراض قصيرة المدى باسم Wernicke's encephalopathy) ؛ ومشاكل الذاكرة وفقدان الذاكرة (تُعرف الأعراض طويلة المدى باسم ذهان كورساكوف).
أمراض الكبد المزمنة - اعتلال الدماغ الكبدي
مرض الكبد المزمن ، أو تليُّف الكبد ، هو مثال آخر على كيفية تأثير الكحول على الدماغ ، ولكن بطريقة جذرية . قد يؤدي الاستخدام المفرط والمطول للكحول - الذي يمكن أن يضر الكبد ، ويسبب أمراض الكبد - أيضًا إلى حدوث اضطراب دماغي خطير يسمى اعتلال الدماغ الكبدي .
أثناء الاعتلال الدماغي الكبدي ، يفشل الكبد في تكسير الكحول ، مما يسمح بدخول كميات زائدة من المنجنيز والأمونيا إلى الدماغ . إلى جانب خلق مشاكل معرفية وتنسيقية وشخصية ، يمكن أن يكون الاعتلال الدماغي الكبدي قاتلاً أيضًا.
على الرغم من أن التأثيرات قصيرة المدى للكحول يمكن أن تهدأ بمجرد التوقف عن الشرب ، إلا أن عكس كيفية تأثير الكحول على الدماغ على المدى الطويل لا يزال محل نقاش بين الباحثين . لذا ، إذا كنت ترغب في الحفاظ على دماغ سليم ، فإن منع إساءة استخدام الكحول هو أفضل بديل في الوقت الحالي .
المصدر