على عكس ما تقوله أغنية "بينما يمرّ الوقت" As Time Goes By فإنّ التنهيدة ليست مجرّد تنهيدة وحسب، لكنّها عمليّة حيويّة لا إراديّة تجعلنا نستمر في التقاط أنفاسنا على الأغلب.
على الرغم من ارتباط التنهيدة في العادة مع مشاعرنا التي تتراوح بين الأسى أو الارتياح أو اليأس، فإنّ هذه الأنفاس الطويلة والعميقة تحدث بشكل عفوي كلّ بضع دقائق كي تقوم بوظيفة تضخيم الحويصلات الهوائيّة وهي الأكياس الهوائيّة الصغيرة الموجودة في الرئتين بطريقة لا يمكن للتنفس العادي فعلها.
يتمّ التحكّم بالتنهيدات عن طريق نظام في الدماغ بمجرّد الشعور بنقض الأكسجين في هذا النظام.
يتحكّم هذا النظام أيضاً بعدد مرّات هذه التنهيدات والتي تتراوح من بضعة مرّات في كلّ ساعة عند الإنسان وعشرات المرّات في كلّ ساعة عند القوارض أثناء دورة التنفّس الطبيعيّة تبعاً لما كتبه الباحثون في دراسة نشرت في مجلّة "الطبيعة" Nature .
يحدّد كلّ من "مارك كراسنو" من جامعة ستانفورد و"جاك فيلدمان" من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس وجود 230 خليّة عصبيّة ترسل الأوامر إلى مجموعة فرعية صغيرة من المستقبلات في "مجمع ما قبل بوتزينجر" Pre-Bötzinger complex وهي مجموعة من الخلايا العصبية الموجودة في النخاع والتي تتحكّم في عمليّة التنفّس.
يقول كراسنو في حديثه لصحيفة الجارديان: "إنّ هذا التجمّع مصنوع من عدد قليل من خلايا عصبيّة مختلفة. تعمل كلّ خليّة من هذه الخلايا "ككبسة زرّ" تتحكّم بنوع معيّن من التنفّس، فأحدها يقوم بالتحكّم بالتنفّس الطبيعي المعتاد والآخر يقوم بالتحكّم بالتنهيدات وقد يقوم الآخر بالتحكم بالتثاؤب أو الشمّ أو السعال وربّما الضحك والبكاء أيضاً".
اختبر الباحثون وظيفة هذا النظام في الفئران عن طريق حقن تجمّع هذه الخلايا العصبيّة بالنيوروببتيدس Neuropeptides وهي جزيئات تشبه البروتينات التي تستخدمها الخلايا العصبية للتواصل.
ارتفعت معدّلات تنهّد هذه الفئران من 40 مرّة في الساعة إلى 400 مرّة دون تغيير نمط التنفّس الطبيعي لهذه الفئران.
يبدو بأنّ الأمر الغامض الوحيد المتبقي حين يتعلّق الأمر بالتنهيدات له علاقة بتلك الأغنية، فكما يقول فيلدمان: "بينما نحن نمتلك السبب الرئيسي العضوي وراء هذه التنهيدات، إلّا أنّنا لا زلنا نجهل وظيفتها أثناء الحالات المتعلّقة بالمشاعر".
المصدر