يمكن أن نصف جسم الإنسان بالصندوق الأسود عند الحديث عن عالم تطوير العقاقير، فنحن نراقب الآثار الشاملة للدواء، ولكنّنا نجهل ما يحدث داخل الجسم، فلا يزال هذا الأمر لغزاً كبير إلى حدّ ما. يتّجه الباحثون حديثاً إلى تقنيات تصوير الأنسجة واختبارات الحيوانات لجعل هذه الصورة أكثر وضوحاً. أصبح لهذه الخطوة مكانة في عالم صناعة العقاقير وفقاً لما جاء في مجلّة "أخبار الكيماويّات والهندسة" (C&EN)، وهي المجلة الإخبارية الأسبوعية للجمعية الكيميائية الأمريكية.
تُفيد "سيليا هنري أرنو" المحرّرة الرئيسيّة في مجلّة (C&EN) بأن قياس الطيف الكتلي يمكن أن يجيب عن الأسئلة الملحّة أثناء تطوير العقاقير منذ المراحل الأولى من اكتشاف الأدوية إلى مرحلة ما قبل الأبحاث السريرية.
قامت شركة جيننتيش (Genentech) لاختبار عقار مرشّح يستهدف أنسجة الرئة، لكن لم يتمّ الحصول على المعلومات الكافية عندها. اقترحت الاختبارات القائمة على الخلايا أن مركب الاختبار كان قوياً، كما واقترح تحليل الأنسجة المستخرجة أنّ هذا المركّب كان ينتقل إلى داخل الرئتين، إلّا أنّ هذا العامل لم ينتج الآثار المتوقعة على الحيوانات بشكل مستمرّ. سمح الطيف الكتلي التصويري للباحثين بمعرفة كيفيّة قيام الصيغ المختلفة وتقنيات الإدارة بتغيير توزيع وآثار هذا العقار.
شهدت شركات الأدوية الأخرى تجارب مماثلة باستخدام هذه الطريقة، فقد تم تحديد كيفيّة إنتاج هذه العقاقير المرشّحة لآثار غير مخطط لها من خلال مراقبة توزيعها في الأنسجة والحيوانات مع مرور الوقت في بعض الحالات. ساعدت هذه التجارب أيضاً في تحديد المبادئ التوجيهية للسلامة لعلاجات محتملة تمّ تصميمها للأطفال. يقول خبراء في هذا المجال أن هذه التقنية يمكن أن تكون عاملاً أساسيّاً في تغيير عالم صناعة الأدوية بشكل جذري.
المصدر