كل شيء عن كيمياء الرائحة
إن الرائحة مركب كيميائي متطاير يدركه البشر والحيوانات الأخرى عبر حاسة الشم أو نظام الشمّ. تُعرف الروائح أيضًا بالعطور أو العفن أو النتانة إذا كانت غير محببة. يطلق على نوع الجزيء الذي ينتج الرائحة اسم مركّب أروما (مركب الرائحة). إنّ هذه المركبات صغيرة وذات أوزان جزيئية أقل من 300 دالتون، كما ويتم تشتيتها في الهواء بسهولة بسبب ضغط البخار العالي.
يمكن أن تكشف حاسة الشم عن روائح ذات تركيزات منخفضة للغاية.
كيف تعمل الروائح؟
تكشف الكائنات التي تمتلك حاسة الشم عن الجزيئات بواسطة خلايا عصبية حسية خاصة تسمى خلايا المستقبلات الشمية (OR) . تتجمع هذه الخلايا في البشر في الجزء الخلفي من تجويف الأنف. تمتلك كل خلية عصبية حسية أهدابًا تمتد في الهواء. هناك بروتينات مستقبلات على الأهداب ترتبط بمركبات الرائحة. يبدأ التحفيز الكيميائي بإشارة كهربائية في العصبون عند حدوث الارتباط مما ينقل المعلومات إلى العصب الشمي الذي يحمل الإشارة إلى البصيلة الشمية "olfactory bulb" في الدماغ. إنّ البصيلة الشمية هي جزء من الجهاز الحافي أو الجهاز النطاقي "limbic system" والذي يرتبط أيضًا بالعواطف. قد يتعرف الشخص على الرائحة ويربطها بتجربة عاطفية، ومع ذلك قد لا يتمكن من تحديد المكونات المحددة للرائحة. السبب في ذلك هو كون الدماغ لا يفسر المركبات المفردة أو تركيزاتها النسبية، بل مزيج المركبات ككل.
يقدر الباحثون أن البشر يستطيعون التمييز ما بين 10000 و 1 تريليون من الروائح المختلفة.
هناك حد للكشف عن الرائحة. يحتاج عدد معين من الجزيئات إلى ربط المستقبلات الشمية لتحفيز الإشارة. قد يكون مركب رائحة واحد قادرًا على الارتباط بأي من المستقبلات المختلفة.
إن بروتينات المستقبلات الغشائيّة هي عبارة عن بروتينات معدنية تشمل النحاس والزنك وربما أيونات المنغنيز.
الرائحة العطريّة والعطور
المركبات العطريّة "aromatic compounds" في الكيمياء العضوية هي تلك التي تتكون من جزيء حلقي مستوي أو جزيء دوري يشبه معظمها هيكل مركّب البنزين "benzene". في حين أن العديد من المركبات العطرية تمتلك رائحة إلّا أنّ كلمة "أروماتية" تعود إلى فئة معينة من المركبات العضوية في الكيمياء وليس إلى الجزيئات التي تمتلك روائح.
تشتمل مركبات الرائحة من الناحية الفنية على مركبات غير عضوية متطايرة مع أوزان جزيئية منخفضة تستطيع ربط المستقبلات الشمية. يعتبر كبريتيد الهيدروجين (H2S) مثلاً مركبًا غير عضوي له رائحة البيض الفاسد، في حين يمتلك غاز الكلور العنصري (Cl2) رائحة خفيفة، كما وتعتبر الأمونيا (NH3) رائحة غير عضوية.
مركبات الرائحة بهياكل عضويّة
تقع العطور العضوية في العديد من الفئات بما في ذلك الاسترات والتيربين والأمينات والعطريات والألدهيدات والكحوليات والثيول والكيتونات واللاكتونات. هذه قائمة ببعض مركبات الرائحة الهامة.
يعتبر ميثيل افوسفين وميثيل الفوسفاتين من بين أقوى المركّبات رائحة والتي يمكن اكتشافها حتّى ولو كانت بكميّات منخفضة للغاية. إن الأنف البشري حساس جداً للثيواسيتون بحيث يمكن شمه في غضون ثوانٍ إذا تم فتح عبوة منه على بعد مئات الأمتار.
تعمل حاسة الشم على فلترة الروائح الثابتة بحيث يصبح الشخص غير مدرك لها بعد التعرض المستمر. يفسد كبريتيد الهيدروجين حاسة الشم. تنتج رائحة البيض الفاسد القوية في البداية، إلّا أنّ ربط الجزيء بمستقبلات الرائحة يمنعها من تلقي إشارات إضافية. يمكن أن يكون فقدان الإحساس مميتًا في حالة هذه المادة الكيميائية بالتحديد حيث إنها شديدة السميّة.
استخدامات مركّبات الرائحة
تستخدم هذه المركّبات في صنع العطور لإضافة الرائحة إلى مركبات سامّة عديمة الرائحة كالغاز الطبيعي مثلاً ولتعزيز نكهة الطعام وإخفاء الروائح غير المرغوب فيها.
تشارك الرائحة في اختيار الشريك من وجهة نظر التطوّر وتحديد الغذاء الآمن وغير الآمن وتكوين الذكريات. تختار الثدييات وفقا ليامازاكي Yamazaki وزملاؤه شركاء ذو بروتين "معقد التوافق النسيجي الكبير" مختلف (MHC) عن البروتين الخاص بها. يمكن اكتشاف ال MHC عن طريق الرائحة. تدعم الدراسات التي أجريت على البشر هذا الارتباط مشيرة إلى أنه يتأثر أيضًا باستخدام حبوب منع الحمل.
مركبات الرائحة والسلامة
سواء كانت الرائحة طبيعية أو صناعيّة فقد تكون غير آمنة خاصة في التركيزات العالية. تُسبب العديد من العطور حساسية قوية. لا يتم تنظيم التركيب الكيميائي للعطور من دولة إلى أخرى، فقد وُجد بأنّ العطور المستخدمة قبل قانون مكافحة المواد السامة لعام 1976 كانت تستخدم في المنتجات في الولايات المتحدة. تخضع جزيئات الرائحة الجديدة للمراجعة والاختبار تحت إشراف وكالة حماية البيئة.
المصدر