الصحة

مرض الالزهايمر وارتباطه بمنظومة الملاحة (التوجه المكاني) الدماغية

 

الطريقة التي بها تتوجه للطريق الصحيح بمتاهة افتراضية من الممكن ان تتنبأ باحتمال إصابتك بالالزهايمر. هذه هي نتيجة بحث جديد، الذي وجد ان الأشخاص الأكثر عرضة لمرض الزهايمر يتمتعون بفعالية اقل بشبكة جديدة الاكتشاف من خلايا الملاحة الدماغية والتي تعرف باسم "grid cells". هذا الاكتشاف من الممكن ان يؤدي لطرق جديدة لتشخيص هذا الاضطراب المنهك.
اكتشاف شبكة خلايا غريد "grid cell network" حاز على جائزة نوبل بمجال علم وظائف الأعضاء او الطب بسنة 2014. الخلايا العصبية التي تشكل الشبكة مرتبة بشكل هيكل ثلاثي بمنطقة بالدماغ تدعى "entorhinal cortex" وهي منطقة بالدماغ مسؤولة عن الذاكرة وتحديد المواقع. الشبكة "grid cells" تعمل بأساليب عديدة اعتمادا على حركة الافراد، تقوم بتتبع موقعنا بإحداثيات المستوى.
اعتقد العلماء ان الخلايا تساعد ببناء خريطة ذهنية وتتيح لنا تحديد الموقع حتى بحالة عدم وجود إشارات بصرية. يقول جوشوا جاكوبس المتخصص بعلم الاعصاب بجامعة كولومبيا: “إذا قمت بإغلاق عينيك ومشيت 10 خطوات للأمام وثم اتجهت يمينا ومشيت ثلاث خطوات، فمن المفروض ان شبكة الخلايا "grid cells" ان تتتبع موقعك.
ومن المثير للاهتمام، الاشخاص اللذين يملكون التعبير الجيني بما يسمى e4 للجين APOE (اهم عامل وراثي للإصابة بمرض الالزهايمر بمراحل متقدمة بالحياة) اكثر عرضة لتطوير تشوهات بالمنطقة المسؤولة عن الذاكرة وتحديد المواقع بالدماغ "entorhinal cortex". ولان شبكة الخلايا "grid cells" تتواجد بنفس المنطقة، يتساءل العلماء إذا كان الضرر بهذه الشبكة يمكن ان يفسر حقيقة أن المصابين بمرض الالزهايمر هم الأكثر عرضة لمواجهة صعوبة بالتنقل وتحديد الموقع وبالتالي نسيان طريق العودة.
قام الباحثين بإجراء تجربة على مجموعتين من البالغين الشباب اللذين ليس لديهم اعراض الالزهايمر. المجموعة الأولى يحملون الجين APOE-e4 , اما المجموعة الأخرى فلا.
طـُلب من المشاركين التنقل بمكان افتراضي دائري الشكل. يرى المشاركون سماء زرقاء، بعض الجبال المحيطة بالأفق، وارض من العشب وعليها وضعت أشياء عادية مثل كرة سلة او خضراوات.
المهمة هي جمع هذه الأشياء الافتراضية واعادتهم لمكانهم الأصلي لاحقا. فريق الأبحاث قام برصد نشاط الدماغ لكل مشترك خلال التجربة بواسطة التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي وهو نوع من التصوير بالرنين المغناطيسي "(functional magnetic resonance imaging fMRI)" المستخدم لقياس نشاط الدماغ استنادا على الدورة الدموية (التغير في تدفق الدم).
خلايا الشبكة نفسها لا يمكن تصويرها مباشرة مع الرنين المغناطيسي الوظيفي، ولكن التطورات التكنولوجية الأخيرة، سمحت للعلماء التقاط تمثيل شبيهة لشبكة الخلايا الدماغية. وحسب الفرضية، المشاركين الذين يحملون الصيغة e4 من الجين APOE أظهرت إشارات أقل من تمثيل شبكة الخلايا من المجموعة الأخرى.
مع ذلك، المجموعة الأولى (معرضة لخطر الإصابة أكثر) ابلت جيدا بهذه التجربة. " في البداية بدا نوعا من التناقض" قال نيكولاي-عالم أعصاب. الفكرة الأولى هي ان الدماغ استخدم منطقة أخرى، أي ان مهمة التنقل في التجربة نُفذت خارج شبكة الخلايا "grid cells". بالإضافة الى ذلك، لاحظ فريق البحث زيادة في النشاط بمنطقة الحُصين "Hippocampus" (منطقة بالدماغ تعمل عادة على العاطفة والذاكرة) خلال التجربة وذلك فقط عند المجموعة الأولى (المعرضة أكثر لخطر الإصابة بالالزهايمر) التي لم تعتمد على شبكة الخلايا. هذا يشير الى أنك يمكن ان تستخدم شبكة الخلايا او الحُصين للتوجه المكاني.
ومن المثير للاهتمام، كانت هناك اختلافات سلوكية اعتمادا على أي جزء في الدماغ أُستخدم للتنقل عند المشاركين، مما يشير إلى أن أنظمة مختلفة تستخدم استراتيجيات مختلفة للتوجه المكاني: المشاركون مع أقل تمثيل شبكة الخلايا كانوا أكثر حذرا للحفاظ على بعد من اطراف المكان الافتراضي أثناء التجربة. اما المجموعة الثانية فاستخدمت المنطقة بأكملها. سوف يستغرق الأمر المزيد من التجارب لتأكيد أي فرضيات، ولكن حتى الان يمكن الاستنتاج ان التنقل في المكان الافتراضي مع عدد قليل من المعالم البصرية - هو أكثر صعوبة من دون نشاط شبكة الخلايا "grid cells".
يقول جاكوبس، الذي لم يشارك في الدراسة "الآثار المحتملة لهذا العمل مثيرة للاهتمام لأنها تشير إلى أن نشاط شبكة الخلايا يرتبط مع تحرك/تنقل الإنسان بالمستوى".
وتشير النتائج إلى أنه هناك عامل اقوى من فقدان نشاط شبكة الخلايا لتسبب مشكلة التوجه المكاني عند مرضى الزهايمر. ولكنه يوفر أيضا دافع لبحث جديد محتمل للدراسة. ويعد مرض الزهايمر من بين الأمراض الأكثر دراسة في العالم، إلا أن الباحثين حققوا نجاحا محدودا في الوقاية من المرض أو علاجه.

 

 

 

المصدر

النشرة البريدية

الرجاء تعبئة التفاصيل ادناه لتلقي نشرتنا البريدية