الصحة

حقن البكتيريا لعلاج الأورام علاج مبشّر للسرطان

 

قد لا تبدو "البكتيريا الحية" و "علاج السرطان" عبارتان نسمعهما كثيرًا في نفس السياق، إلّا أن بعض الميكروبات قادرة على إيقاف نمو الورم وفقًا لبيانات المؤتمر الدولي الرابع للعلاج المناعي للسرطان.
تحفّز الحقن الاستجابة المناعية والتي تستهدف بدورها الورم. لا تزال هناك أسئلة حول فاعليّة هذه الطريقة. ولّدت الحقن البكتيريّة اهتمامًا كافياً خاصّة بعد ارتفاع عدد المرضى الذين قاموا بتطوير مناعة ضدّ العلاج أو لا يستجيبون للعلاجات الحالية. أدّى هذا لجعل الحقن البكتيريّة جزءًا من تجربة سريرية جديدة تجمع بين البكتيريا والعلاج المناعي الحالي.
تعيدنا هذه الطريقة إلى أحد الأبحاث الذي يزيد عمره عن القرن. بدأ عالم الأورام ويليام كولي بحقن مرضى السرطان الذين أصيبوا بأورام من غير الممكن اجراء عمليّة جراحيّة عليها بمزيج من البكتيريا الميتة في تسعينيات القرن التاسع عشر. أبلغ كولي عن نجاحه في هذا النهج وتم بيع "سموم كولي" كعلاج للسرطان في الولايات المتحدة حتى مطلع الستينيات.
شكّك أطباء آخرون في نتائج علاج كولي وتراجع هذا النوع من العلاج أمام انتشار العلاج الكيميائي والإشعاعي واللذان أصبحا علاجان معتمدان للسرطان.
أشار فريق كبير من علماء الأورام إلى أن الحقن البكتيريّة قد تكون وسيلة صالحة لعلاج السرطان قبل أربع سنوات. نشر الباحثون ورقة بحث في مجلة Science Translational Medicine بيّنت أنّ ستة من بين 16 كلبًا مصابًا بأورام صلبة قد أظهروا تراجعًا في نسبة الورم أو حتى اختفائه عند حقنهم بنسخ حية من بكتيريا كلوستريديوم نوفي Clostridium novyi. قام الفريق البحثي بإزالة الجينات المنتجة للسموم من البكتيريا الحية. عالج الفريق أيضًا امرأة تبلغ من العمر 53 عامًا مصابة بورم الساركومة العضليّة الملساء leiomyosarcoma، وهو نوع من أنواع السرطان يبدأ في العضلات الملساء. تراجع الورم عند هذه السيّدة وأكملت بعد ذلك في علاج آخر لإتمام العلاج. تعتبر هذه المريضة الأولى من بين الكثيرين.
تمّ اجراء تجربة سريريّة إضافيّة بقيادة أخصائي الأورام فيليب جانكو من مركز أندرسون للسرطان بجامعة تكساس في هيوستن، والذي كان جزءًا من الفريق العلمي قبل 4 سنوات. تمّ اعطاء 23 مريضًا يعانون من أورام ساركومة متقدمة أو أورام صلبة أخرى تتراوح ما بين سرطان الثدي إلى سرطان الجلد حقنة واحدة في مكان عشوائي من هذه الأورام. تحتوي الحقنة على 10000 إلى 3 ملايين من بكتيريا الكلوستريديوم، وهو عبارة عن شكل خامد من البكتيريا. فوجئ فريق البحث بالنتيجة. أظهر تسعة عشر مريضًا نتائج مرضية بمن فيهم السيّدة من التجربة السابقة. أظهرت النتائج أنّ أورام المرضى ضمن عيّنة البحث قد أصبحت مستقرة. يعني هذا أن أورامهم لم تستمر في النمو بعد العلاج. يقول جانكو إنه وعلى الرغم من أن هذه الحقن كانت في مكان محدد، إلا أنه يبدو أن البكتيريا تستقر في بعض الأحيان وتقلل من نمو الأورام في أماكن أخرى من الجسم كما يُظهر التصوير.
يرى جانكو وزملاءه أنّ الاستجابة المناعيّة للبكتيريا تولّد الفعل المناعي المضاد للسرطان. لاحظ الباحثون أعراضًا كالحمّى والألم والتورم في مواقع الحقن لدى إحدى عشر مريضًا. يعني هذا أنّ البكتيريا قد نمت، وهي العملية التي تستأنف بها البكتيريا الكامنة تكاثرها النشط.
كانت الاستراتيجية جديدة إلى درجة أن العلماء لم يكونوا على علم بأنّ مقدار الجرعة سيترك أثرًا كبيرًا، خاصةً أنّهم كانوا يأملون بأن تصبح الجراثيم نشطة بمجرّد دخولها الورم فقط. اتضح أن عدد الجراثيم التي تم حقنها كان يجب أن يكون أحد اعتبارات السلامة الرئيسية. أصيب المريضان اللذان حقنا بكميّة بكتيريا أعلى من ست جرعات بالغرغرينا والإنتان واللذان يشكلان خطرًا للحياة، كما وأصيب مريض ثالث بتعفّن الدم.
يقول جانكو: "لم نقم بالتعمّق بالآلية". تطلق البكتيريا غير الموبغة nonspore bacteria أنزيمات مختلفة يمكنها تحطيم الخلايا السرطانية. تولّد هذه البكتيريا حالة دفاعيّة في الجهاز المناعي فتستهدف كتل السرطان أثناء عملها.
لا تزال تفاصيل هذه العمليّة غامضة حتّى الآن.
تقول دزانا ديرفوفيك Dzana Dervovic، وهي عالمة المناعة في معهد أبحاث Lunenfeld- Tanenbaum في تورنتو، كندا: "نحن نعلم بأنّ هذه الطريقة ناجحة" استنادًا إلى استقرار الكتل الورميّة عند العديد من المرضى.
 

المصدر

النشرة البريدية

الرجاء تعبئة التفاصيل ادناه لتلقي نشرتنا البريدية