يعتبر عطارد أصغر كوكب في النظام الشمسي، حيث كان بلوتو يحمل هذا اللقب، ولكن تم تخفيض لقبه هذا إلى الكوكب القزم.
على الرغم من أن أنّ سطح عطارد يشبه القمر، إلّا أنّ هذا الكوكب الصغير يمتلك كثافة تنافس كثافة الأرض نفسها.
نصف القطر والقطر والمحيط
يبلغ قطر عطارد 3,030 ميلاً (4,878 كم)، وهو ما يعادل حجم الولايات المتحدة القارية. يعادل هذا حوالي خُمسي حجم الأرض، وهو أصغر من قمر كوكب المشترى "غانيميد" وقمر كوكب زحل "تيتان".
من الجدير ملاحظته أيضاً أنّ عطارد لن يبقى بهذا الحجم، فهذا الكوكب الصغير يتقلص. عندما وصلت سفينة الفضاء (مارينر 10) التابعة لوكالة ناسا الكوكب في السبعينيات، اكتشفت معالم غير عادية تعرف بالمنحدرات، والتي تشير إلى أن ذلك الكوكب يتقلّص. فبينما يبرد داخل كوكب عطارد الحار، يُسحب السطح بالقرب من بعضه البعض، وبما أن سطح هذا الكوكب لا يمتلك سوى طبقة صخرية واحدة مقارنة بالصفائح التكتونية التي لا تعد ولا تحصى الموجودة على الأرض، فإنّ المنحدرات تتكوّن على سطحه.
تشير دراسة أجريت عام 2014 على ما يقارب ال 6000 شظية التقطتها مركبة الفضاء مسنجر التابعة لناسا إلى أن كوكب عطارد يتناقص شعاعيّاً بمعدّل 4.4 ميل (7 كيلومترات) منذ تكوّنه قبل 4.5 مليار سنة. ساعد هذا الاكتشاف على موازنة نماذج التطور الداخلي للكوكب تبعاً للملاحظات على سطحه.
قال بول بيرن وهو عالم جيولوجي مختصّ بدراسة الكواكب وباحث المركبة "مسنجر" في قسم مغناطيسية الأرض في كارنيغي في تصريح له: " حلّت هذه النتائج مفارقة قديمة ما بين نماذج التاريخ الحراري وتقديرات تقلّص كوكب الزهرة. يتّسق الآن كلّاً من تاريخ إنتاج الحرارة وفقدانها وتقلّص ذلك الكوكب معاً ".
يبلغ نصف قطر الكوكب 1,516 ميلا (2,440 كم)، ويبلغ محيطه عند خط الاستواء 9,525 ميلاً (15,329 كم). تبرز بعض الكواكب كالأرض في منطقة خط الاستواء بسبب سرعة الدوران. يدور عطارد مع ذلك ببطء شديد على محوره لدرجة جعلت الفلكيون يعتقدون بأن الكوكب مقفل بشكل متقطع مع وجود جانب واحد يواجه الشمس باستمرار.
يدور هذا الكوكب في الواقع حول محوره مرة واحدة كل 58.65 من أيام الأرض، ويدور عطارد مرة واحدة كل 87.97 من أيام الأرض، لذلك يدور ثلاث مرات فقط كل سنتين من سنوات كوكب عطارد. يُبقي الدوران البطيء على نصف قطر الزهرة على القطبين وخط الاستواء بشكل متساوٍ.
الكثافة والكتلة والحجم
تبلغ كتلة عطارد 330e23 كيلوغرام . توجد هذه الكتلة في حجم 14.6 تريليون ميل مكعب (60.8 تريليون كيلومتر مكعب). تبلغ كتلة وحجم عطارد حوالي 0.055 مرة من كتلة وحجم الأرض.
لكن لأن كتلة عطارد الصغيرة موجودة داخل جسم صغير، فإن هذا الكوكب يعد ثاني أكثر الكواكب كثافة في النظام الشمسي حيث توجد 5.427 غرام من كتلته في كل سنتيمتر مكعب، أي ما يعادل %98 من كثافة كوكبنا، حيث تعدّ الأرض فقط الأكثر كثافة. أثارت هذه الكثافة العالية في كوكب يشبه القمر أسئلة مثيرة للاهتمام حول التكوين الداخلي للكوكب.
إن صغر حجم عطارد يجعله ضعيفاً جداً بحيث لا يمكنه المحافظة على غلاف جوّي كبير، خاصة مع القصف المستمر الذي يتلقاه من الشمس. يمتلك هذا الكوكب غلافاً جويّاً رقيقاً ولكنه دائماً ما ينفجر في الفضاء باستمرار بسبب الرياح الشمسية. يمرّ الكوكب بعدة تقلبات في درجات الحرارة والتي تعدّ الأكثر تفاوتاً في النظام الشمسي بسبب غياب وجود غلاف جوّي يساعد على استقرار الحرارة القادمة من الشمس.
معالم السطح
يشبه سطح عطارد إلى حد بعيد سطح القمر، حيث تظهر الحفر الناتجة عن القصف الشديد في وقت مبكر من عمر النظام الشمسي وخلال فترة تشكّل الكوكب. تظهر الصور التي التقطتها المركبة الفضائية (مارينر 10) وجود حفر يتراوح عرضها ما بين 328 قدم (100متر) إلى 808 ميل (1,300 كم). تصل العديد من حفر الكوكب إلى 1.86 ميل (3 كم).
يزخر عطارد بالتجاويف الضحلة وغير المنتظمة والتي تبدو فريدة من نوعها لهذا الكوكب. تعدّ التجاويف واحدة من أصغر وألمع الميزات على سطح عطارد، وتتراوح في حجمها من 60 قدماً إلى أكثر من ميل عرضاً، وعمقها من 60 إلى 120 قدماً. لم تنتج هذه التجاويف عن الرياح أو المطر بسبب غياب الغلاف الجوّي. بدلا من ذلك، قد تكون ناجمة عن المعادن المتطايرة والتي تتبخّر بعد تعرضها لتأثير مفاجئ.
قال "ديفيد بليويت" عضو فريق العلوم من مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز فى بيان له: "كانت هذه التجاويف مفاجأة كبرى. لقد كنا نفكر في عطارد على أنه مجرّد بقايا، أو مكاناً لا يوجد فيه الكثير ليتغير، إلا من خلال الحفر، ولكن يبدو أن هذه التجاويف حديثة مقارنة بالحفر التي تم العثور عليها، وهذا يعني أن سطح عطارد لا يزال يتطور بطريقة مدهشة".
من المفارقات أيضاً أنّ هذا الكوكب الأقرب إلى الشمس يحتوي الجليد على سطحه، فمن الجدير ملاحظته أنّه ليس أكثر الكواكب حرارة، فهذا اللقب يذهب إلى كوكب الزهرة. يقع كل من القطبين الشمالي والجنوبي في منطقة الظلّ الدائم، مما يسمح للجليد بالتكوّن هناك. تمّ رصد ترسّبات مشعّة من الأرض، وأكدت مركبة "مسنجر" وجود هذه المناطق في منطقة الظلّ الدائم في الكوكب. في نهاية المطاف، كانت المركبة الفضائية قادرة على الاقتران مباشرة بهذه التجاويف وأكدت على وجود جليد مستقر في داخلها.
قال "شون سولومون" الباحث الأوّلي للمركبة "ماسنجر" من جامعة كولومبيا في نيويورك في تصريح له: "يدرس الباحثون والعلماء ما إذا كان الكوكب الأقرب إلى الشمس يحتوي على جليد وفير في مناطقه القطبية في منطقة الظلّ الدائم منذ أكثر من 20 عاماً".
المصدر