توجد الثقوب السوداء في الفضاء وتمزق النجوم المارة وتنشر بقاياها في كثير من الأحيان. لا تزال هذه الأجسام الكونية الغريبة تجذب انتباه العلماء والناس العاديين على حد سواء.
من أين تأتي الثقوب السوداء؟ كيف تتشكل؟ وما الذي يعطيها كلّ هذه القوة المدمرة؟
علينا أن نسأل سؤالاً أكثر جوهرية قبل أن نتمكن من الإجابة عن ذلك: ما هو الثقب الأسود؟
يقول نيتا باهكال وهو عالم الفيزياء الفلكية من جامعة برينستون في نيوجيرزي لمجلّة لايف ساينس: "إنّ الثقب الأسود هو شيء أو نقطة في الفضاء وتمتلك قوة جاذبية قوية لدرجة تمكّنها من عدم السماح لأي شيء بالإفلات منها". يضيف باكهال: "حتى موجات الضوء يتم امتصاصها منها وهو ما يجعل الثقوب السوداء "سوداء".
تنشأ هذه الأجسام الغريبة مثل طائر الفينيق الذي يخرج من رماد النجوم الميتة. يوشك الهيدروجين المندمج في الهيليوم على النضوب عندما وصول النجوم الضخمة إلى نهاية حياتها. تبدأ هذه النجوم في حرق الهيليوم بحيث تدمج الذرات المتبقية في عناصر أثقل حتى يصل إلى الحديد والذي لا يعود اندماجه يوفر طاقة كافية لدعم الطبقات الخارجية للنجم وفقًا لجامعة سوينبيرن للتكنولوجيا في مركز أستراليا للفيزياء الفلكية والحوسبة الفائقة. تنهار هذه الطبقات العليا إلى الداخل ثم تنفجر على شكل انفجار قوي شديد الإضاءة يطلق عليه مستعر أعظم supernova.
يبقى جزء صغير من النجم بعد كلّ تلك العمليّة. تتنبأ معادلات ألبرت أينشتاين في النسبية العامة أنّ قوة الجاذبية لبقايا النجم تطغى على كل شيء آخر ويتم سحق المادة التي صنعت منها لتصل إلى نقطة صغيرة لدرجة متناهية وذات كثافة غير محدودة إذا كانت هذه البقايا تعادل ثلاثة أضعاف كتلة الشمس وفقًا لوكالة ناسا. لا تستطيع قوانين الفيزياء المعروفة التعامل مع هذه الأرقام متناهية الصغر. يقول باهكال: "تنهار تلك النجوم في مرحلة ما ولا نعرف حقيقة ما يحدث".
لن يفعل الثقب الأسودالكثير إذا كانت هذه البقايا النجمية وحدها، ولكن يتمّ امتصاص هذه المادّة في فوّهة الثقب الأسود إذا أحاط الغاز والغبار بالقطعة. يخلق هذا اندفاعات مشرقة من الضوء مع ارتفاع حرارة الغاز والأتربة التي تدور حولها كالمياه المتدفقة. يقول باهكول أن الثقب الأسود سيقوم بدمج هذه الكتلة مما يزيد من حجمه.
تجذب الجاذبية القوية لاثنين من الثقوب السوداء أحدهما الآخر فيقتربان ويدوران حول بعضهما البعض. تعمل كتلتيهما على جعل نسيج الفضاء القريب يدور مما يُطلق الموجات الثقاليّة. اكتشف علماء الفلك مثل هذه الموجات الثقاليّة عن طريق مرصد ليغو (LIGO) عام 2015.
يقول باهكول: "كانت تلك المرة الأولى التي نرى فيها ثقوبًا سوداء ونؤكد على أنها موجودة". يضيف باهكول أن النتائج كانت أيضًا بمثابة دليل داعم لمعادلات أينشتاين التنبؤية.
عثر العلماء قبل ذلك على أدلة غير مباشرة على وجود ثقوب سوداء وشاهدوا نجومًا تدور حول جسم غير مرئي عملاق في مركز درب التبانة وفقًا لما ذكرته مجلّة يونيفرس توداي. يقول باهكول: "لا تزال الثقوب السوداء الضخمة التي قد تصل كتلتها إلى مليارات من كتلة الشمس مسألة غير واضحة".
يعتقد الباحثون أن هذه الثقوب السوداء فائقة الكتلة كانت ذات يوم أصغر بكثير مما هي عليه الآن وأنّها قد شكّلت ثقوبًا سوداء أكثر صغرًا في الأيام الأولى من كوننا. امتصّت هذه الأجسام الغاز والغبار واندمجت مع بعضها البعض لتنمو وانتهى بها المطاف كوحوش هائلة على مدى الزمن الكوني. يقول بهالكول أنّ الكثير من تفاصيل القصة لا تزال غامضة.
لاحظ الفلكيون أشياء تسمى الكوازارات وهي أكثر إشراقًا من آلاف المجرات مجتمعة. يُعتقد أنّ هذه الكوازارات تحصل على طاقتها من ثقوب سوداء هائلة تقوم باستهلاك المواد. تعود الكوازارات إلى مليار سنة بعد الانفجار العظيم عندما تشكل كوننا تاركًا العلماء يتساءلون حول كيفيّة قيام هذه الأجسام الضخمة بالتشكّل بهذه السرعة.
يقول ياهكول: "يسلط هذا الضوء على السؤال ويزيده تعقيدًا" ويظل موضوعًا مثيرًا للبحث.
المصدر