تماماً مثل منصة القفز التي تصل بك إلى أعلى مستوى، ارتدّ أحد الثقوب السوداء بفعل موجات الجاذبيّة مبتعداً عن مجرّته الأصليّة.
في إحدى المجرّات التي تبعد عنّا 8 مليارات سنة ضوئية، تغيّر مكان ثقب أسود هائل تبلغ كتلته مليار مرة أكبر من كتلة الشمس بعيداً عن مكانه الأصلي. يبعد هذا الثقب حالياً مسافة 35 ألف سنة ضوئية عن مركز المجرة حيث توجد مثل هذه الثقوب السوداء في العادة. يندفع هذا الثقب بعيداً بسرعة 2000 كيلو متر في الثانية الواحدة.
اكتشف "ماركو شيابيرج" وزملاؤه من معهد علوم تلسكوب الفضاء في ولاية ماريلاند هذا الثقب التائه باستخدام تلسكوب هابل الفضائي وهو أكبر الثقوب التي تمّ كشفها حتّى الآن. وجد شيابيرج وزملاؤه بأنّ الارتداد قد يكون ناجم عن انفجار قوي من موجات الجاذبية.
عند اندماج مجرّتين معاً، فإنّ ثقوب هذه المجرّات السوداء والمركزية تندفع باتجاه بعضها البعض وتلتقي في وسط المجرة الناتجة، وبينما تدور هذه الثقوب حول بعضها البعض تبعث موجات في "الزمكان" (مفهوم الزمان والمكان للتعبير عن الفضاء رباعي الأبعاد) وتسمّى هذه الموجات موجات الجاذبية.
إذا كان اثنان من الثقوب السوداء من كتل أو معدلات دوران مختلفة، فإنّ موجات الجاذبية ستشع في إحدى الاتجاهات بطريقة أقوى من الاتجاهات الأخرى، وبينما تتصادم الثقوب السوداء وتندمج مع بعضها البعض، فإنّ الثقب الأسود الناتج يرتدّ في الاتجاه الآخر.
إرتداد قويّ
كنا نعلم أن الثقوب السوداء الصغيرة يمكنها أن تندمج وترتد بهذه الطريقة، ولكن هذه هي المرة الأولى التي نلاحظ فيها هذه الحالة مع الثقوب الضخمة.
يقول تشيابيرج: "إن كمية الطاقة التي تحتاجها لدفع ثقب أسود هائل بعيداً بهذا الشكل تعادل انفجار 100 مليون مستعر (وهو انفجار نووي كارثي ينتج عن جذب نجم قزم أبيض لغاز الهيدروجين)في وقت واحد، لا شيء آخر في الحقيقة يمكنه أن يفعل ذلك".
يقول "دانيال هولز" من جامعة شيكاغو بأنّه إذا كان يتمّ دفع الثقب الأسود بواسطة موجات الجاذبية حقّاً، فإنّهم محظوظون لاكتشاف ذلك. يضيف هولز: "هذا ارتداد قويّ وعلى حافة ما نتوقعه تماماً، لذلك سيكون نظاما غير عادي بالنسبة لنا".
يقول شيابيرج بأنّ هذا النظام غير العادي قد يساعد على تقديم أدلة على أن الثقوب السوداء الضخمة تندمج في هذا الكون، وهي ظاهرة نملك أدلّة مفصّلة على حدوثها. يضيف شيابيرج "إنه سؤال كبير: هل يندمج اثنان من الثقوب السوداء حقّاً، أم أنها تتوقف وتدور حول بعضها البعض إلى ما لا نهاية؟ إنّ رؤية هذا يثبت بشكل غير مباشر أن هذه الثقوب يمكنها الاندماج".
يقول هولز بأنّه ومع ذلك قد لا يكون الثقب الأسود قد انطلق منذ البداية لكنّه يقع فقط وراء المجرة التي يبدو أنه ينتمي إليها. ويضيف: "قد يعود هذا لفيزياء متطرّفة جدّاً أو علم فلك متكاسل، سيخبرنا الوقت بكلّ شيء".
المصدر