في كلّ صباح، تسكب سوزان الحليب على حبوب الإفطار وتضيف بعض القشدة إلى القهوة و الزبدة على الخبز المحمّص. في موعد الغداء، تتناول قطعة من الجبن أو كوب من اللبن، ودائماً ما تتبع غذاءها بتناول الآيس كريم. لقد اتبعت سوزان هذا النظام الغذائي لعدّة سنوات، لكن عدد من الأعراض المثيرة للقلق التي بدأت بالظهور عليها مؤخّراً أجبرتها على إعادة النظر في نظامها الغذائي.
لقدّ تغيّرت حياة سوزان في عمر الأربعين، فبعد إصابتها بتشنجات في منطقة البطن مصاحبة الانتفاخ والاسهال، تكون بهذا أحد الـ 30-50 مليون شخص حول العالم والذين يعانون من عسر في هضم منتجات الألبان. كان هذا التشخيص "عدم تحمّل اللاكتوز" أو عسر هضم اللاكتوز بمثابة صدمة لسوزان، أضف إلى ذلك صدمتها عند تشخيصها بالإصابة بحساسيّة كاملة من الحليب. فكيف يمكن أن نصاب بحساسيّة لشيء لطالما اعتدنا على تناوله من دون أيّة مشاكل؟ وهل يمكن أن نسبب لأنفسنا الإصابة بهذه الحساسيّة بطريقة أو بأخرى؟
ليس هنالك أيّ نوع من الصحّة لاعتقادنا بأنّ الحساسيّة هي أمر نولد به فقط، فالحقيقة هي أنّ بعض أنواع الحساسيّة تتطوّر في فترات قادمة في حياتنا، ويحدث ذلك عندما يفقد جهازنا المناعي القدرة على السيطرة، فتقريباً، أيّ مادّة باستطاعتها أن تحفّز نظامنا المناعي بطريقة مبالغ فيها بما في ذلك وبر الحيوانات الأليفة والعفن وحبوب اللقاح وحتّى بعض أنواع الطعام. عندما يحدث ذلك، فإنّ جهازنا المناعي يفرز كميّات كبيرة من الهستامين "histamine" وهو هرمون حيوي داخلي يفرز لحماية الكائن الحي ويتأيّض بسرعة بواسطة الإنزيمات داخل الدمّ، لكنّ تلك الكميّات الكبيرة المفرزة منه تؤدي لأعراض الحساسيّة المعروفة كتورّم الممرّات الأنفيّة وحكة وتدميع العيون وقشعريرة ومشاكل في الهضم.
عادة ما يكون الأشخاص الذين يشخصون بالإصابة بالحساسية في مراحل متأخرة من حياتهم قد اختبروا بعض هذه الأعراض من قبل لكن قد لا يتذكرون ذلك، فعلى عكس من يشخصون بأي نوع من الحساسية في عمر صغير، الأشخاص الذين يصابون بالحساسيّة في مراحل متأخرة من عمرهم قد لا يلاحظون أعراض الحساسيّة عند وقوعها لأوّل مرّة لعدّة أسباب منها أن تكون هذه الأعراض بسيطة أو يخلطونها بأعراض أمراض أخرى، ففي حالة سوزان مثلاً، تعاملت ولسنوات دون أن تدري لحساسيّة معتدلة من الحليب، ونتج عن النظام الغذائي الذي اتبعته طوال تلك السنوات استجابة عالية من نظامها المناعي.
على الرغم من أن الطعام هو السبب الرئيسي في الحساسيّة التي تصيب الأشخاص في مراحل متأخرة من عمرهم، إلّا أنه ليس السبب الوحيد، فنصف من يشخصون بهذه النوع من الحساسيّة يتمّ تشخيصهم بها في مرحلة البلوغ والعديد منها تكون بسبب مواد عاديّة قد نتعرّض لها كلّ يوم. فمثلاً، ربّما تتطوّر الحساسيّة بشكل كبير في مرحلة بلوغك، وربّما أيضاً تسهم زيادة تعرّضك لمسببات الحساسيّة في مرحلة معيّنة من حياتك أحد أسباب تلك الحساسيّة، فإن لم تكن قد أمضيت وقتاً طويلاً مع الكلاب من قبل، ومن ثمّ تبنّيت مؤخراً واحداً منها، فإنّ ذلك يزيد من إمكانية تعرّضك لحساسيّة وبر الحيوانات الأليفة بسبب ازدياد التعرّض لمسببها.
حين تواجه الحساسيّة، فإنّ وعيك بأعراضها وطرق علاجها هو نصف المعركة، فبمجرّد أن يحدد لك الطبيب مسبب الحساسيّة، بإمكانك أن تطوّر وسائل معيّنة لتجنّبها، وعندها ستكون في طريقك للشفاء، أو كما في حالة سوزان، في طريقك لتذوّق لبن الصويا غير المسبب للحساسيّة كباقي الألبان لأوّل مرّة.
الفيديو
المصدر