تتسبّب الليالي الأكثر دفئاً من المعتاد في عدم القدرة على النوم ليلاً، خاصّة خلال فصل الصيف وبين كبار السن والأفراد ذوي الدخل المنخفض وفقاً لأحد الأبحاث التي تمّ نشرها في العدد الصادر في السادس والعشرين من مايو لعام 2017 في مجلة "تطوّرات العلوم" Science Advances .
تُعتبر دراسة أنماط النوم المبلغ عنها ذاتياً ودرجات الحرارة ليلاُ في جميع أنحاء الولايات المتحدة واحدة من أولى الدراسات التي تقدم دليلاً على أن ارتفاع درجات الحرارة النّاتج عن التغيّر المناخي يؤثر على نوم الإنسان.
توصّل مؤلفو الدراسة وهم "نيك أوبرادوفيتش" زميل ما بعد الدكتوراة في كلية هارفارد كينيدي و"روبين ميغليوريني" مرشّحة الدكتوراة في جامعة ولاية سان دييجو وبرنامج الدكتوراة في جامعة كاليفورنيا في علم النفس السريري إلى فكرة الدراسة قبل ما يقرب السنتين خلال شهر أكتوبر، حيث ارتفعت درجة الحرارة عندها بشكل مبالغ فيه في سان دييغو.
يقول أوبرادوفيتش: "لم ينم أصدقائنا وزملائنا في مدرسة غراد بشكل جيّد ليلاً بسبب درجة الحرارة، مما نتج عنه الكثير من الكسل والغضب".
يضيف أوبرادوفيتش: "تساءلت عما إذا كان أي شخص قد ربط ما توصّل إليه باحثو مسائل النوم، وخاصّة فيما يتعلّق بدرجة الحرارة ونوعية النوم عن طريق الدراسات المخبرية، مع الملاحظات خارج المختبر، وخاصّة فيما يتعلّق بموضوع التغير المناخي".
بدأ فريق الباحثين في التحقيق في الردود عن طريق مجموعة المراكز الخاصّة بالدراسات الاستقصائية لمكافحة الأمراض المتعلّقة بالسلوكيات الخطيرة والتي تترك أثراً على الصحة، بما في ذلك أنماط النوم. تم اختيار ميغليوريني عشوائياً ومن قبيل الصدفة لإجراء مقابلة لأجل الدراسة السنويّة المقبلة أثناء إجراء هذا البحث. تقول ميغليوريني إن مشاركتها في الدراسة ساعدتها على اكتساب نظرة ثاقبة عن تجربة الدراسة.
درس الباحثون تقارير مراكز مكافحة الأمراض واتقائها CDC بخصوص مستويات النوم غير الكافية ل765 ألف فرد في جميع أنحاء البلاد بالإضافة إلى بيانات درجة الحرارة ليلاً على مستوى المدينة في الفترة الواقعة ما بين 2002 - 2011.
وصلت التقارير المتعلّقة بالنوم غير المريح لما يزيد عن الضعف خلال فصل الصيف مقارنة مع فصول أخرى. كما ازدادت هذه النّسبة بثلاثة أضعاف عند الأفراد الذين يقلّ دخلهم عن 50 ألف دولار سنويّاً خلال الليالي التي كانت درجة الحرارة فيها 1.8 فهرنهايت أو أعلى من درجة الحرارة العادية.
يقول اوبرادوفيتش أن ازدياد التقارير المتعلّقة بعدم الرّاحة أثناء النّوم بين الأشخاص ذوي الدخل المنخفض قد تعود إلى عوامل مالية تؤثر على بيئات نومهم. يوضّح اوبرادوفيتش ذلك بقوله أن انخفاض نسبة الدّخل تجعل من الصعب تشغيل مكيّف الهواء طوال الليل. يكمل اوبرادوفيتش: " لا تمتلك أرخص الشقق أي تكييف هوائي تبعاً لما رأيناه في سان دييغو مثلاً".
يقول اوبرادوفيتش أن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً كانوا قد أبلغوا أنّهم مرّوا في تجربة نوم غير مريحة بنسبة تصل إلى مرّتين أكثر خلال الليالي الدافئة، ويعود ذلك إلى حقيقة أنّ كبار السن يفتقرون إلى القدرة على تنظيم درجات حرارة أجسامهم كما يفعل صغار السن.
كما درس الباحثون كيفيّة تأثير التغيّر المناخي على عدم الرّاحة أثناء النوم.
أظهرت النتائج أنّ الناس يُبلغون عن 9 ملايين حالة إضافيّة من عدم الرّاحة في النّوم في الفترة التي تزيد فيها درجة الحرارة عن 1.8 فهرنهايت ليلاً في جميع أنحاء الولايات المتحدة لمدة شهر.
تضيف ميغليوريني: " أشعر بقلق بالغ من حقيقة إبلاغ جزء كبير من البالغين الأمريكيين عن معاناتهم من صعوبات في النوم، فضلاً عن أنّ ازدياد درجات الحرارة ليلاً قد يزيد من تفاقم هذه المشكلة".
تقول ميغليوريني بأنّ صعوبات النوم تسبب قصوراً نفسيّاً وإدراكيّاً ويمكن أن يؤثر سلبا على أجهزة المناعة لدينا. تضيف ميغليوريني: " تزداد آثار المخاطر الصحية المحتملة كلّما أصبحت صعوبات النّوم أكثر تواتراً".
نوّه أوبرادوفيتش إلى أن التنبؤات المستقبلية بعدم كفاية النوم هي عبارة عن تقديرات فقط وليست أمراً مؤكداً.
يضيف أوبرادوفيتش: "هناك شيء واحد مؤكّد وهو أنّ النّوم البشري يتأثر بدرجات الحرارة ليلاً". يكمل أوبرادوفيتش: "قد نحتاج إلى التكيف باستخدام المزيد من مكيّفات الهواء بالإضافة إلى المراوح وغيرها من التقنيات لمواجهة تغيّرات درجات الحرارة في المستقبل من أجل نوم أفضل خلال فصل الصيف حيث تكون درجات الحرارة أكثر دفئا من المعتاد".
لاحظ أوبرادوفيتش أنه وبما أنّ جمع بيانات الدراسة قد تمّ في الولايات المتحدة، وهي دولة معتدلة في درجات الحرارة ومن بين أغنى بلدان العالم، فإنّنا نستنتج أنّ البلدان الأكثر فقراً وارتفاعاً في درجات الحرارة تبلغ عن وجود صعوبات في النوم بشكل أكبر.
المصدر