تشير هذه الدراسة إلى أن علاج سكري النوع الثاني قد يعطي نتائج أفضل إذا قمنا بتغيير تركيبة بكتيريا الأمعاء. ففي حين يستخدم الميتفورمين بالذات بشكل شائع لمساعدة مرضى سكري النوع الثاني في السيطرة على مستوى السكر في الدم لأنّه يعمل على تقليل كمية الجلوكوز المنتجة في الكبد الأمر الذي بدوره يعمل على تقليل مستويات السكر في الدم ويجري اختباره حاليّاً كعلاج لمكافحة الشيخوخة، إلا أنّ الملفت للانتباه أنّ الميتفورمين يعمل بنجاعة حتى في الحالات التي تستخدم فيها جرعة بطيئة التأثير من العقار والتي تصل من خلالها كميات قليلة للكبد، أو مع أشخاص بمتغيرات وراثية تمنع العقار من الوصول إلى الكبد أصلاً.
هذه الملاحظات دعت كلّ من فريدريك باكهيد من جامعة جوتنبيرغ السويدية وجوز مانويل فرناندز ريل من جامعة جيرونا الإسبانية إلى أن يتساءلوا ما إن كان لبكتيريا الأمعاء دور في سلوك الميتفورمين داخل الجسم. بالطبع، هذا ليس مستبعداً في ظل حقيقة أنّ عدد لا يحصى من الجراثيم تقف وراء الكثير من الأمراض وتؤثر أيضاً على تفاعل العقاقير داخل الجسم.
اعتمد الباحثان وزملائهم على عينة مكوّنة من 40 متطوّع تمّ تشخيصهم حديثاً بالسكري النوع الثاني حيث خضعوا لجرعات من الميتفورين أو البلاسيبو (دواء وهمي) بشكل عشوائي لمدّة أربعة أشهر مع اتباعهم لحمية غذائية منخفضة السعرات الحرارية.
ما أثار اهتمام الباحثين خلال فترة الدراسة هو تغيّر نمط بكتيريا الأمعاء بصورة أكبر عند أولئك الذين تناولوا الميتفورمين حيث وجدا أنّ العقار شجّع نموّ سلالات معيّنة من بكتيريا الأكرمنسيا و البيفيدو باكتيريوم كما وزاد أيضاً من سرعة نموّ هذه السلالات.
في غضون ذلك، قام الباحثون بأخذ عينة براز من ثلاثة من المتطوعين قبل وبعد تناول الميتفورمين وقاموا بإطعام الفئران خاضعة لحمية غذائية ذات سعرات حرارية مرتفعة بهدف محاكاة مرض سكري النوع الثاني لدى الإنسان. هدف الباحثان عن طريق اتباع هذه التقنية التي تدعى "زراعة البول" إلى نقل البكتيريا المفيدة من أمعاء فرد سليم إلى آخر مريض.
تظهر الدراسة أن البراز المأخوذ من أفراد العينة الذين عولجوا بالميتفورمين نجح في رفع مقياس قدرة تحمل الجلوكوز وهو مقدار قدرة الحيوانات على التحكم بمستويات السكر في دم الفئران التي تلقت عينات من متبرعين أو ثلاثة في هذه الحالة، ومما يؤكد ذلك أن العينات المأخوذة من عينة البحث قبل خضوعهم للعقار لم تظهر أيّ تأثير يذكر على أي من الفئران.
توصلت الدراسة إلى أنّ الميتفورمين يعمل ولو بشكل جزئي عن طريق تحفيز نمو بكتيريا الأكرمنسيا المعوية والتي تؤثر على مستويات السكر في الدم وإن لم يتوصل الباحثون بعد إلى كيفية قيام هذه البكتيريا بذلك. كنتيجة لهذه الدراسة، يطمح باكهيد بأن يحصل بعض المصابين بهذا النوع من السكري على نتائج مشابهة عن طريق تعديل نظامهم الغذائي الأمر الذي يؤدي لتغيير تركيبة البكتيريا المعوية لديهم كتحفيز نمو بكتيريا الأكرمنسيا والبيفيدوباكتيريوم.
المصدر