قد لا تحبّ الدهون التي تمتد على منطقة البطن الخاصّة بك، لكن هذه الدهون تخدم هدفاً مهمّاً.
إنّ هذه الدهون والتي تدعى طبيّاً باسم "الثرب" Omentum تشكّل الغشاء الشحمي الذي يغطّي الأمعاء ويلعب دوراً مهمّاً في نظامك المناعي حسب إحدى المراجعات الجديدة.
يمتلك كلّ شخص هذه الدهون مهما كان وزنه، ويربط هذا الهيكل الدهني العديد من الأجهزة في البطن، بما في ذلك الطحال والمعدة والقولون. فحسب الدراسة التي نشرت في الأوّل من يونيو من مجلّة "كلّ ما هو جديد في علم المناعة" Trends in Immunology فإنّ هذه الدهون تشبه "المئزر الذي يعلّق أمام أعضاء البطن".
تحتوي هذه الدهون على خلايا مناعيّة بالإضافة إلى خلايا الدهون، فما ينتشر في أنحاء هذه المنطقة هي كتل من الخلايا المناعيّة، حيث اكتشف الباحثون هذه الخلايا في الأرانب منذ عام 1874 وأطلقوا عليها اسم "بقع الحليب" بسبب مظهرها الأبيض إلى جانب الخلايا الدهنية الصفراء.
حسب ما جاء في الدراسة، فإنّ هذه البقع تصفي السوائل وتجمع المعلومات عمّا يحصل في البطن. يقول "تروي راندال" عالم المناعة السريرية في جامعة ألاباما في برمنغهام والكاتب الرئيسي للمراجعة في إحدى تصريحاته: "إنّ السوائل الموجودة حول أعضاء منطقة البطن لا تبقى ثابتة في مكانها، بل تقوم بالدوران وجمع المعلومات من خلال البقع البيضاء".
يكمل راندال بأنّ هذه البقع "تُجمع الخلايا ومولّدات المضادّات والبكتيريا قبل أن تقرر ما سيحدث مناعياً"، وعندها يمكن أن تطلق استجابة مناعية.
قدرة هذه الخلايا على مراقبة ما يجري في البطن والرد المناعي دفع جراح بريطاني في أوائل ال 1900 للإشارة إلى الثرب بأنه "شرطي البطن" حسب ما تقوله المراجعة، وتحديداً، لاحظ الجراح البريطاني بأن هذه الخلايا لعبت دورا في الحد من التهاب الغشاء الرقيق الذي يحيط بالتجويف البطني ويدعى بالصفاق حيث يساعد هذا الغشاء على الحفاظ على الأحشاء الداخلية في البطن وإيصال الدم والسائل اللمفي والأعصاب إليها وشفاء الجروح الناتجة عن العمليّات.
في المقابل، يمكن أن يكون الثرب ضاراً بالجسم وخاصة عندما يتعلق الأمر بكيفيّة تفاعله مع الخلايا السرطانية. فسرطان الثرب أمر نادر الحدوث، ولكن أنواع أخرى من السرطان يمكن أن تنتشر إلى الثرب وفقا للمراجعة، فهو الموقع الأكثر شيوعا لانتشار سرطان المعدة والأمعاء والمبيض في عملية تسمى "الانبثاث" metastasis أو هجرة الخلايا السرطانيّة حيث تنتقل هذه الخلايا من عضو لآخر.
يمكن أن تصل الخلايا السرطانيّة إلى الثرب من خلال السائل البطني. يتم تصفية هذه الخلايا السرطانية مثل غيرها من الخلايا من خلال "بقع الحليب"، ولكن بدلاً من إطلاق استجابة مناعية ضد الخلايا السرطانية يقوم الثرب بحصارها لينتهي به المطاف موفّراً الحماية لها.
بقول راندل "إن الثرب يرتكب عند قيامه بهذا قراراً خاطئاً" عندما يتعلق الأمر بالخلايا السرطانية ويقرر أن " يتسامح بدلاً من إطلاق استجابة مناعيّة". عندها، تنمو هذه الخلايا السرطانية وتتضاعف أثناء وجودها عالقة في الثرب ، وفقا للمراجعة.
يأمل العلماء بأن يطوّروا طرقاً جديدة لعلاج هذه السرطانات من خلال معرفة المزيد عن الثرب والدور الذي يلعبه في الأورام الخبيثة حيث يقول راندال: "إن فهم كيفية قيام السرطان بتغيير الجهاز المناعي سيقودنا إلى اكتشاف سبل التدخّل وقلب موازين الأمور لصالحنا".
المصدر