حسب دراسة جديدة، بإمكان المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدمّ أن يستفيدوا من تقليل ضغط الدمّ إلى مستويات أقلّ من المستويات الموصى بها. عرض الباحثون في هذه الدّراسة معلومات من 42 تجربة سريريّة سابقة ووجدوا بأنّ العلاج الذي اتّبع تقليل ضغط الدمّ الانقباضي (وهو أعلى قراءة على آلة قياس ضغط الدم) ما بين 120 و 124 (ملم. زئبق) قد نتج عنه العديد من الفوائد مقارنة مع غيرها من الطرق.
على سبيل المثال، كان المرضى الذين تمّ خفض قياس ضغط الدم لديهم ما بين 120-124 (ملم. زئبق) أقلّ عرضة للوفاة خلال مدّة الدراسة مقارنة بأولئك الذين وصلوا لضغط دم يساوي 140-144 (ملم. زئبق).
يقترح الباحثون بناءاً على ذلك بأن يقوم الأشخاص الذين يعانون من ضغط الدمّ بعمر 60 وأكثر باللجوء لعمليّة خفض ضغط الدمّ الإنقباضي لأقلّ من 150(ملم. زئبق).
قال الباحثون بأنّ النتائج الجديدة التي نشروها في تاريخ 31 أيّار في مجلّة JAMA
لأمراض القلب تدعم فكرة استخدام علاج مشابه للنّاس الذين يعانون من ضغط الدم المرتفع ويرون بأنّه أسلوب فعّال لعلاجه.
يقول الدكتور كلايد يانسي والدكتور روبرت بونو من كليّة فينبرغ للطبّ التّابعة لجامعة نورث ويسترن في شيكاغو بأنّ الدراسة تقدّم "دليل قاطع على أنّ ضغط الدم المنخفض هو الأفضل." وكما يضيفان في الافتتاحيّة المصاحبة لهذه الدراسة فإنّه "ظهرت فوائد عمليّة ضغط الدمّ المنخفض على صحّة الأفراد المصابين المشاركين بالدراسة بشكل أكبر مما كنّا نتوقّع".
بالرّغم من ذلك، يقول خبراء آخرون بأن الأطباء سينتظرون على الأغلب صدور إرشادات جديدة قبل الانتقال لاستخدام هذه الطريقة في معالجة المرضى.
وحسب ما يقوله الباحثون فإنّه من المهمّ ملاحظة أنّ خفض الدمّ بصورة كبيرة قد يسبب آثار جانبيّة بما فيها اختلال "توازن الكهارل" وهو اختلال توازن الأيونات الحرّة التي تشكّل وسطاً ناقلاً للكهرباء أو التسبب بأضرار للكلى. لذلك، على الأطبّاء أن يكونوا واعين لهذه المخاطر ويشرفوا على المريض بحرص لتجنّب الآثار الجانبيّة المحتملة. وحسب ما يقوله مؤلفو افتتاحية البحث من غير المشاركين فيه بأنّ المرضى المصابين بحالات ضغط دم عاديّة لا تهدّد صحّة أمراض القلب والأوعية الدموية لا يحتاجون لخفض ضغط دمهم بدرجة مساوية لمن يعانون من حالات أكثر صعوبة.
الضغط المنخفض أفضل
تناولت النتائج الجديدة موضوع شائك وهو مقدار الحدّ الذي يجب أن نخفض ضغط دم المريض إليه حتّى ينجح العلاج، والإرشادات في هذا المجال غير ثابتة بعد.
في عام 2014 صدرت إرشادات من فريق خبراء حكومي "اللجنة الوطنية الثامنة المشتركة للكشف والتقييم وعلاج ارتفاع ضغط الدم" حيث تضمّنت هذه الإرشادات بأنّ يصل ضغط الدم أثناء العمليّة لمن هم فيه سنّ الستين وأكثر من حوالي 140 (ملم. زئبق) إلى 150 (ملم. زئبق)، في حين أوصت الإرشادات الحديثة الصادرة عن الكليّة الأمريكيّة من الأطبّاء بأن يكون الضغط الذي يصل إليه المرضى 150 (ملم. زئبق) في حين يخفض إلى 140 (ملم. زئبق) لأولئك الذين لديهم تاريخ طبّي يتضمّن الإصابة بسكتات دماغية أو لديهم ما يزيد من احتماليّة إصابتهم بالأمراض القلبية كعوامل السكّري أو مستوى الكولسترول المرتفع.
على عكس هذه الإرشادات، اقترحت دراسات جديدة بأنّه كلّما كان ضغط الدّم منخفض أكثر كلّما كانت النتائج أفضل. وجدت دراسة عام 2015 والتي تعرف بتجربة SPRINT بأنّ المرضى الذين قُلل ضغط دمهم ليصل حوالي ال 120 (ملم. زئبق) كانت احتماليّة موتهم أقل بنسبة %27 خلال فترة الدراسة مقارنة بأولئك الذين تمّ خفض علاجهم لأقلّ من 140 (ملم. زئبق).
مما يؤخذ على الدراسة السابقة هو أنّها تضمّنت مشاركين لديهم معدّل خَطر كبير للإصابة بمشاكل القلب والأوعية الدمويّة وحالات مزمنة أخرى، لذلك هدف باحثون من جامعة تولين الأمريكيّة في دراسة جديدة لإشراك عدد أكبر من المصابين بضغط الدمّ المرتفع، فقاموا بمراجعة معلومات 144 ألف شخص ممن شاركوا في تجربة سريريّة وخضعوا لعلاج ضغط الدمّ المرتفع أو للعلاج الوهمي وتمّ متابعة هؤلاء المرضى لمدّة أربع سنوات خلال مدّة الدراسة.
تنوّع معدّل ضغط الدم الذي وصل إليه هؤلاء المشاركين من ضغط دم منخفض 144 (ملم. زئبق) إلى ضغط دم مرتفع 171 (ملم. زئبق).
قارن الباحثون في الدراسة الجديدة ما بين المرضى الذين وصلوا لضغط دم يتراوح ما بين ال 120-124 (ملم. زئبق) إلى أولئك الذين وصلوا لضغط دم أكبر يتراوح ما بين 130-134(ملم. زئبق)، 140-144 (ملم. زئبق)، 150- 154 (ملم. زئبق) وأعلى، أظهرت النتائج أن أولئك الذين وصلوا لضغط دم يتراوح ما بين 120-124 (ملم. زئبق) حققوا أقلّ نسبة مخاطر من التعرّض لأمراض القلب والأوعية الدموية والسكتات الدماغيّة أو الموت من أي مسبب آخر خلال مدّة الدراسة. على سبيل المثال، كان المرضى الذين وصلوا لمعدّل 120- 124 (ملم. زئبق) أقلّ عرضة للتعرّض لأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 29%، و أقلّ عرضة للتعرّض للموت خلال فترة الدراسة بمعدّل %27 حتّى من أولئك الذين وصلوا لمعدّل ضغط دم يتراوح ما بين ال 130-134 (ملم. زئبق).
ما هو ضغط الدم المناسب الذي يجب أن نصل إليه أثناء هذه العمليّة؟
في الافتتاحيّة، أوصى كلّ من الدكتور يانسي والدكتور بونو بأن يكون الضغط الذي نهدف للوصول إليه في هذه العمليّة هو130 (ملم. زئبق) أو أقلّ بالنسبة للمرضى الذي يعانون من احتماليّة إصابة أكبر بأمراض القلب والأوعية الدموية، طبعاً بشرط أن يتمّ الوصول لهذا الرقم بطريقة آمنة وبدون أيّة مخاطرة بصحّة المريض.
أمّا بالنّسبة للمرضى الذي هم أقلّ احتمالية للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدمويّة خاصّة الذين لا يحتملون أخذ عقاقير لعلاج هذه الحالة فيجب أن يكون ضغط الدم الذي نسعى للوصول إليه هو 150 (ملم. زئبق) أو أقلّ.
يقول الدكتور آرنولد إينهورن المختص في أمراض القلب والمدير المشارك لمعهد صحّة القلب في أورلاندو والذي لم يكن مشاركاً في الدراسة بأنّ النتائج الجديدة التي توصلت لها الدراسة هي نتائج مهمّة وسوف تدفع الأطباء لأن يكونوا أكثر دقّة في تعاملهم مع أرقام مرضى ضغط الدم، لكنّه يضيف بأنّ الأطباء سينتظرون على الأرجح صدور إرشادات جديدة بهذا الخصوص قبل أن يقوموا بتغيير طريقتهم في العلاج.
ويكمل إينهورن بأنّ أحد الأمور التي يجب مراعاتها عند إصدار إرشادات جديدة هو أنّه "لكلّ قاعدة شواذ"، لذلك، يجب على الأطباء أن يكونوا حريصين عند تعميم التوصيات.
تشير الافتتاحية أيضاً بأنّ العلاج يجب أن يُبنى على قرار مشترك ما بين المريض والطبيب الأمر الذي يتضمّن أيضاً التاريخ الطبّي الخاص بالمريض وصحته.
أشار الباحثون أيضاً إلى أنّنا بحاجة لدراسات جديدة تبحث عن الآثار المترتّبة على استخدام وسيلة العلاج هذه مع مرضى السكّري بحيث يكون الأطبّاء حذرين عند التعامل معهم أو مع المصابين بأيّة أمراض مزمنة أخرى عند القيام بهذه العمليّة.
المصدر