يطمح العلماء بأن يكون باستطاعتهم معرفة مقدار احتماليّة الإصابة بالسرطان عند كلّ شخص عن طريق دراسة البكتيريا الموجودة في جسده. تقول جيونغ آن الأستاذة المشاركة في علم الأوبئة في كلية الطب بجامعة نيويورك بأنّ الأهمّ من ذلك هو أن نجعل هذه البكتيريا والميكروبات "الميكروبيوم" تدلّنا على الطرق التي نستطيع إتباعها لتقليل خطر الإصابة بالسرطان. قدّمت آن بحثها الذي يتناول هذه العلاقة في الثاني من نيسان من عام 2017 في الاجتماع السنوي لبحوث الرابطة الأمريكية للسرطان، وتضيف بأنّ البحوث في مجال "الميكروبيوم" لا زالت موضوع جديد.
توصّل العلماء في الخمس سنوات الماضية إلى أنّ %80 من البكتيريا الموجودة في جسم الإنسان لا يمكن تحضيرها مخبريّاً حسب ما نقلته آن لمجلّة "علوم حيّة" Live Science. يعني هذا بأنّ كل المحاولات الفائتة لتحضير بكتيريا مشابهة لتلك التي في الجسد البشري لم تقدّم سوى صورة مصغّرة عن علم "الميكروبيوم"، فقد توصّل العلماء عند قيامهم بتتبّع تسلسل الحمض النووي DNA من بكتيريا مأخوذة من جسم الإنسان لرؤية الصورة كاملة ومعرفة الكثير من الميكروبات التي لم ينجحوا في تحضيرها حسب ما تقوله آن.
بدأ العلماء الآن بإدراك امكانيّة وجود صلة ما بين "ميكروبيوم" الفمّ وبعض أنواع السرطان، فقد ركّز بحث آن على عدّة أنواع من السرطانات بما فيها سرطان البنكرياس وسرطان المريء.
بكتيريا الجسم
تقول آن: "أراهن بأننا في هذه الغرفة نتشارك على الأقلّ خمس مجموعات متشابهة من البكتيريا"، لكن هنالك تفاوت من بين الأشخاص في هذه المجموعات الكبيرة، فقد يمتلك أحد الأشخاص عدداً أكثر من أحد أنواع البكتيريا عما يمتلكه شخص آخر في جسده. يحاول العلماء تبعاً لذلك معرفة ما إذا كان هذا التفاوت له علاقة بخطر الإصابة بالسرطان حسب قولها.
وجد فريق آن أثناء بحثهم فيما يتعلّق بسرطان البنكرياس أنّ الأشخاص الذين يمتلكون مستويات أعلى من بكتيريا الفم "بورفيروموناس جينجيفاليس" Porphyromonasgingivalis المسببة لأمراض اللثة وما حول الأسنان لديهم احتماليّة أكبر وتعادل %60 بالإصابة بسرطان البنكرياس مقارنة مع الأشخاص الذين يمتلكون مستويات أقلّ من هذه البكتيريا. هناك نوع آخر من البكتيريا والذي وجد بأنّ مستوياته العالية في الفمّ لها علاقة بسرطان البنكرياس حسب قول آه ألا وهي بكتيريا "أغريغاتيباكتر أكتينوميستمكوميتانز" Aggregatibacter actinomycetemcomitans.
يعدّ سرطان البنكرياس واحداً من أكثر أنواع السرطانات فتكاً بالإنسان بسبب صعوبة تشخيصه في بداياته المبكّرة وهذا ما يجعل بحث آنا قيّماً حيث يطمح الأطباء بأن يقوموا بتشخيص هذا النوع من السرطان من خلال البكتيريا الموجودة في الفمّ.
هناك اختلافات أيضاً ما بين "الميكروبيوم" الموجودة الأشخاص المصابين بسرطان المريء مقارنة بغير المصابين به، فالأشخاص المصابين به يمتلكون مستويات أقلّ من بكتيريا المتقلبات أو بروتيوباكتريا Proteobacteria حسب قول آن.
لذلك، نحن بحاجة لمزيد من الأبحاث المتعلقة بعلاقة هذين النوعين من السرطان مع بكتيريا الجسم ولتحديد ما إن كانت العلاقة بينهما هي علاقة "سبب ونتيجة" أو أنّها علامة على تغييرات أخرى في الجسم.
تظهر دراسة سابقة أجريت على الحيوانات بأنّه بامكان البكتيريا الموجودة في الفمّ الانتقال عبر جسد الإنسان حسب قول آن. هناك دراسة أخرى تظهر بأنّ البكتيريا تتفاعل مع المستقبلات الموجودة على سطح الخلايا بطريقة قد تسهم في ظهور السرطان.
هناك عوامل أخرى بما فيها التدخين والكحول والتي قد تلعب دورً في هذا الموضوع فكلاهما يغيّر من تركيبة "ميكروبيوم" الفم كما تقول آن. في النهاية، كلاهما يساهمان في زيادة خطر الإصابة بسرطان البنكرياس والمريء.
يمتلك المدخنين مستويات أقلّ من بكتيريا المتقلبات أو بروتيوباكتريا مقارنة مع الأشخاص غير المدخنين. عند الإقلاع على التدخين، تبدأ مستويات هذه البكتيريا بالارتفاع تدريجيّاً مع مرور السنوات.
تظهر الدراسات أيضاً أنّ الأشخاص الذين يتناولون أكثر من مشروبين يوميّا يمتلكون مستويات أقلّ من بكتيريا الملبنات Lactobacillus والتي تتواجد عادة في البروبيوتيك probiotics
والتي تعتبر بكتيريا صحيّة وتستخدم كمتممات غذائية من البكتيريا الحية أو الخمائر.
المصدر