وفقاً لدراسة أجريت في الرّابع من آب لعام 2017 فإنّ العقار الذي يستخدم عادة لعلاج داء سكري النوع الثاني يُظهر إمكانيّات لعلاج الأشخاص الذين يعانون من مرض باركنسون.
يُعتبر مرض باركنسون حالة عصبية تنكسية لا يوجد لها علاج في الوقت الراهن. تؤثر هذه الحالة على خلايا الدماغ التي تنتج الدوبامين، إلّا أنّ الأعراض لا تصبح ملحوظة إلى أن تتأثر أكثر من %70 من هذه الخلايا بهذا المرض. تعتبر الرجفة وبطء الحركة والتصلّب من الأعراض الرئيسية للمرض. يعاني الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض من التعب المزمن وانخفاض في مستوى نوعيّة الحياة. يؤثر مرض باركنسون على حوالي 1 من بين كل 500 شخص. يعاني حوالي 127 ألف شخص في المملكة المتحدة من هذا المرض.
لا تكمن المشكلة في أنّه لا يوجد هناك علاج لهذا المرض فقط، ولكن العلماء فشلوا حتى الآن في إنتاج الدواء الذي يمكن أن يبطئ أو يوقف تطور المرض.
السحليّة التي شكّلت إلهاماً للباحثين
استلهم الباحثون من "وحش جيلا" Gila monster وهو أحد أنواع السحالي فكرة تطوير دواء "إكسيناتيد" exenatide وهو دواء تم استخدامه لعلاج داء سكري النوع الثاني منذ عام 2005. يُعتبر دواء إكسيناتيد نسخة صناعيّة من "إكسندين –4" exendin-4 وهو مركب موجود في لعاب السحلية والذي يشبه هرمون GLP-1، إلّا أنّه مقاوم للعمليات العادية التي تقوم بتفكيك هرمون GLP-1 عند البشر. ينشط الإكسيناتيدمستقبلات GLP-1 في البنكرياس لتحفيز إفراز الأنسولين. يمكن للدواء أيضا عبور "الحاجز الدموي الدماغي" the blood-brain barrier لتفعيل مستقبلات GLP-1 الموجودة في الدماغ. أظهرت البحوث السابقة في الحيوانات أنّ الإكسيناتيد يمكنه تحسين الأداء الحركي.
درس الباحثون بقيادة البروفسور "توم فولتيني" من معهد كلية لندن للعلم العصبي الإكسيناتيد وإمكانيّة استخدامه لعلاج مرض باركنسون في أول تجربة دوائيّة عشوائية ومنضبطة وعمياء (التجربة العمياء هي تجربة تكون معلومات الاختبار فيها مخفية عن القائم بالفحص والخاضع له حتى نهاية الفحص لمنع التحيّز) للمحلول الوهمي على مرضى باركنسون. تابع الباحثون 60 مصاباً بمرض باركنسون في المستشفى الوطني لأمراض الأعصاب وجراحة المخ والأعصاب في لندن. تراوحت أعمار المشاركين بين 25 - 75 عاماً. كانت مرحلة المرض لدى المبحوثين معتدلة. قام 31 من المشاركين بحقن أنفسهم كل أسبوع ب 2 ملغم من الإكسيناتيد وهي نفس الجرعة المستخدمة لعلاج داء سكري النوع الثاني لمدة 48 أسبوعا جنبا إلى جنب مع الأدوية العادية، و 29 مشاركاً باستخدام الدواء الوهمي.
لم يعرف المشاركون ما إذا كانوا قد تناولوا الدواء الحقيقي أو الوهمي.
نتائج مبشّرة
وجدت الدراسة التي نشرت في مجلة "ذا لانسيت " The Lancet أن المشاركين المصابين بمرض باركنسون والذين قاموا بحقن أنفسهم بالإكسيناتيد قد أدوا أداء أفضل في اختبارات الحركة من أولئك الذين حقنوا أنفسهم بالدواء الوهمي. استمرت هذه النتائج مع متابعة دامت لمدة 12 أسبوعا. أظهر الذين حقنوا أنفسهم بالدواء الوهمي على العكس من ذلك انخفاضا مطردا في اختبارات الحركة في أسبوع الاختبار الثامن والأربعين والأسبوع الستين.
أفاد الباحثون أن هذه الدراسة هي أول دراسة تُظهر بأن الدواء يستطيع عبور الحاجز الدموي الدماغي ويمكن الكشف عنه في "السائل الدماغي الشوكي" cerebrospinal fluid.
تُعتبر هذه التجربة تجربة صغيرة، إلّا أنّه ووفقاً للباحثين فإنّ نتائجها تضمن "مزيداً من البحث فيما يتعلّق بالإكسيناتيد كعلاج معدّل لمرض باركنسون". يفسر الباحثون ذلك بأن الإكسيناتيد وغيره من مستقبلات GLP-1 قد يكون لها "دوراً مفيداً في علاج مرض باركنسون مستقبلاً".
يسلّط "ديفيد ديكستر" وهو نائب مدير الأبحاث في باركينسون في المملكة المتحدة الضوء على نتائج هذه الدراسة في بيان الباحثين الصحفي. يقول ديكستر: " تستند هذه النتائج المثيرة للاهتمام على تجربة صغيرة تمّت في وقت سابق وتفتح باب الأمل أمام مرضى باركنسون في المستقبل.
يضيف ديكستر: " إنّ الفوائد الصغيرة في هذه الدراسة واعدة بشكل خاص لأن مستوى منخفض من العقار فقط قد وصل إلى الدماغ. يشير هذا إلى أن إيجاد العلاجات التي تعمل بطريقة مماثلة ولكن أكثر قدرة على العبور من مجرى الدم إلى الدماغ قد تكون أكثر فعالية".
"إن إعادة تطويع الأدوية الموجودة ليتمّ تناولها بهذه الطريقة يمكن أن يسمح بتوفير العلاجات بسرعة أكبر بدلاً من بدء تطوير دواء جديد تماماً من نقطة الصفر. لا يمكن أن يؤدي أيّ علاج متوفّر حاليّاً إلى إبطاء أو إيقاف تطور مرض باركنسون، وهذا المجال يستدعي مزيداً من البحث لاكتشاف التطويرات التي يحتاجها مرضى مرض باركنسون وبأقصى سرعة ممكنة".
المصدر