مستويات بروتين "أميلويد -بيتا" تزداد في أدمغة البالغين عند مقاطعة مرحلة نوم الموجة البطيئة.
النّوم الجيّد وليس عدد ساعات النّوم هو ما يؤثر على نسبة خطر الإصابة بمرض الزهايمر.
وجد الباحثون في تقرير نُشر في العاشر من تمّوز لعام 2017 في دوريّة "الدّماغ" Brain أنّ أدمغة البالغين المعافين تُنتج البروتينات المرتبطة بالزهايمر في السائل الشوكي الدماغي عند عدم وصولهم إلى مرحلة نوم الموجة البطيئة slow-wave sleep وهي أعمق مرحلة من مراحل النوم. كانت ليلة واحدة فقط من الاضطراب في النوم العميق كفيلة بزيادة كمية "أميلويد- بيتا" beta amyloid وهو البروتين الذي يتجمع في صفائح الخلايا الدماغية لدى الأشخاص الذين يعانون من مرض الزهايمر. أظهر مشاركي الدراسة الذين حصلوا على نوم غير مريح لمدة أسبوع أنّ أجسادهم تُنتج نسبة أعلى من بروتين يسمى "تاو" tau في السائل الدماغي
الشوكي مما تنتجه عندما يحصلون على الرّاحة. يتكدّس بروتين تاو على شكل عُقد داخل خلايا أدمغة الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض.
تدعم هذه النتائج مجموعة متزايدة من الأدلة على أن عدم الوصول إلى مرحلة النوم العميق هو أمر مرتبط بأمراض الزهايمر وغيرها من الأمراض العصبية التنكسية. تقول "كريستين يافي" وهي طبيبة الأعصاب وطبيبة نفسيّة في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو والتي لم تشارك في الدراسة: "يشير هذا إلى أن هناك شيئاً خاصا حول النوم العميق والبطيء".
إنّ الأشخاص الذين يعانون من مرض الزهايمر يتصفون بعادات نوم سيّئة، ولكن العلماء غير متأكدين ما إذا كان هذا ناتج عن المرض أو مسبب له. تقول يافي إن الأدلة المستمدة من الدراسات الحيوانية والإنسانية الأخيرة تشير إلى أن المشكلة ترتبط بكلا الأمرين. إن قلة النوم قد تجعل الناس أكثر عرضة لاضطرابات الدماغ، وبمجرد أن يصاب الشخص بالمرض فإنّ الاضطرابات في الدماغ قد تؤدي إلى صعوبة في النوم. لم يكن من الواضح على الرّغم من ذلك سبب كون النوم السيئ أحد محفّزات مرض الزهايمر.
يظهر "تخطيط أمواج الدماغ" electroencephalogram نمط نوم الموجة البطيئة من النوم العميق لأحد المشاركين في الدراسة. قد تعزّز الاضطرابات في تلك المرحلة من النوم مرض الزهايمر.
يرى الباحثون بقيادة طبيب الأعصاب "ديفيد هولتزمان" من كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس أنّ انخفاض مستويات نشاط الخلايا الدماغية أثناء النوم العميق من شأنه أن ينتج كميّات أقلّ من بروتينات بيتا وتاو وبروتينات أخرى مقارنة بالمراحل الأخرى من النوم أو اليقظة. قام هولتزمان و يو-إل جو وهي طبيبة مختصّة بطبّ النوم من جامعة واشنطن وزملاؤهم بدراسة 17 متطوعاً كلّهم من البالغين الأصحاء الذين تتراوح أعمارهم بين 35 - 65 والذين لا يُعانون من اضطرابات النوم. يقول جو: "إنّ هؤلاء أشخاص ينامون بشكل جيّد".
ارتدى المتطوعون أجهزة لمراقبة نشاط نومهم في المنزل، كما قاموا بزيارة مختبر النوم مرتين على الأقل. نام المتطوعون أثناء ارتداء سماعات الرأس بشكل عادي في إحدى الزيارات. قام الباحثون في زيارة أخرى بتشغيل صوت زامور من خلال سماعات الرأس في كلّ مرّة كان المتطوعين يوشكون فيها على الدخول في نوم عميق. لم تقم الأصوات عادة بإيقاظ المشاركين ولكنّها كانت تمنعهم من الوصول إلى مرحلة نوم الموجة البطيئة. نام المتطوعون عندما تمّ تعطيل عمليّة وصولهم إلى النّوم العميق بشكل مماثل لليالي التي ناموا فيها عندما لم يتم تشغيل أي صوت من خلال سماعات الرأس.
أظهر السائل الشوكي أنّه كلّما زادت كميّة حرمان الأشخاص من النوم العميق، كلما ارتفعت مستويات بروتين بيتا في الصباح. لم ترتفع مستويات بروتين تاو بسبب اضطرابات مرحلة نوم الموجة البطيئة لليلة واحدة فقط، ولكن الأشخاص الذين أشار مراقب النشاط أنهم كانوا ينامون بشكل سيء في الأسبوع السابق للاختبارات قد أظهرت أدمغتهم وجود مستويات أعلى من هذا البروتين.
يقول "آدم سبيرا" وهو عالم النفس في كلية جونز هوبكنز بلومبرج للصحة العامة: "تُعتبر هذه الدراسة عند البشر إثبات تجريبي رائع" يعزز فرضية هولتزمان بأن عدم حصول خلايا الدماغ على الرّاحة قد يكون ضارًا. تستمر خلايا دماغنا بالعمل وإنتاج كميّات أكبر من بروتين أميلويد بيتا وتاو عند عدم الحصول على الرّاحة مقارنة بالأشخاص الذين ينالون قسطاً من النوم العميق.
اقترحت بعض الأبحاث أنّ البروتينات السامة الأخرى يتمّ طردها من الدماغ أثناء النوم. يقول جو أنّ التلاعب بمرحلة نوم الموجة البطيئة لا يبدو أنّه يؤثّر على هذه العمليّة. تضيف جو أنّ مستويات البروتينات الأخرى التي تنتجها الخلايا العصبية لا تختلف عند غياب النوم عميق.
المصدر